"جاليرى 68" حكاية مجلة أدبية خرجت من باطن الهزيمة والصعوبات المادية أوقفتها

تظل مجلة "جاليرى 68" واحدة من أهم المجلات الثقافية والأدبية، التى صدرت بمصر فى القرن الماضى، وهى مجلة طليعية، صدرت تعبيرا عن أزمة المثقفين بعد هزيمة 1967، أذ أحس المثقفون بمسئوليتهم تجاه تجاوز الأمة لهذه الهزيمة، وصدر العدد الأول منها بتاريخ مايو 1968. ونشر الشاعر والناقد الكبير شعبان يوسف، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" غلاف العدد الأول من المجلة، قائلا: "العدد الأول من مجلة جاليرى 68.. مايو 1968". وقد ظهرت أولا باسم "مجلة 68 الأدباء" ثم تغير اسمها الى "جاليرى 68" فى السنة الثانية من عمر المجلة أى عام 1969، ولم يترأس تحريرها كاتب بعينه وإنما أسهم فى كتابة افتتاحياتها أحمد مرسى وإدوارد الخراط وقد توحدت رؤى كتابها حول ضرورة التعبير عن الذات المهدورة والوطن الجريح وتلمس الخلاص بالفن. وتوجهت المجلة نحو التجديد فى الفن كضرورة وتحد كبير وإفساح المجال لتأكيد الروابط العربية أحساسا بالمصير المشترك وضرورة التضامن. وكان المفروض أن تصدر شهرية لكنها أصدرت أربعة أعداد فى 1968 وثلاثة فى 1969 وتوقفت طوال عام 1970 ثم أصدرت عددا أخيرا فى فبراير 1971 وهو العدد الثامن وكانت الصعوبات المادية التى واجهت المجلة من الأسباب الرئيسية وراء تعثر صدورها ثم توقفها. ومن الأدباء الذين نشرت لهم: أمل دنقل، ويسرى خميس، وعبد الحكيم قاسم، ومجيد طوبيا، وجمال الغيطانى، وأحمد مرسى، وإبراهيم أصلان، وإدوار الخراط، وصافيناز كاظم، وخليل كلفت، ومحمد البساطي، وغالب هلسا، وإبراهيم منصور، وأحمد هاشم الشريف، وبهاء طاهر، وسليمان فياض، ومحمد حافظ رجب، ويحيى الطاهر عبدالله، ومحمد إبراهيم مبروك. ووفقا للناقد شعبان يوسف فى مقال سابق نشر بمجلة "أخبار الأدب" عام 2006" تحت عنوان "جاليرى 68 وجيل الستينيات: الانحياز للفن الطليعي" من هذه المشاريع المهمة، والجليلة، والتى تستأهل المناقشة الجادة والعميقة، مشروع (جاليرى 68)، هذه المجلة التى جاءت كتعبير عن مرحلة جديدة، وأفق تقدمى واضح، و (جاليرى 68) الذى يبدو من عنوانها، أنها نشأت فى عام 1968 هذا العام الذى يتسم بنهوض شبابى عالمى فى الفكر والأدب والثقافة والسينما والسياسة لم تكن منفصلة عن هذا الحراك العالمي، وإذ بدت آنذاك أنها مشروع إقليمى محض، وصورته المخيلة الثقافية فيما بعد، أنه مشروع المترجم والباحث والناشط اللامع الشاب آنذاك إبراهيم منصور، الذى رحل عنا منذ عامين، وكان بالفعل أهم الناشطين، وأكثر المثقفين حبا لتأكيد وترسيخ ظاهرة الجيل، فاقترح، أن يقام معرض جماعى للفنانين التشكيليين الطليعيين، وسعى نحو تخصيص بعض العائد من بيع اللوحات فى هذا المعرض لإنشاء مشروع ثقافى كبير، وقد جاءت (جاليرى 68) من فضاء هذه المبادرة، بعد التحريض الذى قام به (منصور) لعدد من الأدباء والمثقفين الكبار منهم نجيب محفوظ للنهوض بهذا المشروع، الذى كان يعبر عن ذائقة مختلفة، وحس ثقافى وفنى مغاير، وان لم يكن منبت الصلة عن الحراك الذى كان يجرى فى عقد الستينيات كله، ولا أغامر عندما أقول انه يبدأ من منتصف الستينيات، وحدوث هذا التقارب شبه الموضوعى بين بعض توجهات مثقفين وكتاب مرموقين، كانوا يعملون فى أروقة السلطة، وقد مهدوا للأصوات التى ظهرت فى (جاليرى 68) فى مجلاتهم. وأوضح "يوسف" أنه رغم هذا الصراع الواضح بين هيئة التحرير، وبين المحررين بشكل عام، حيث أن المجلة لم تكن ملكا لأحد، ولم تستطع السلطة عبر ممثليها أن تهيمن عليها، رغم هذه الصراعات استطاعت أن ترسخ أسماء وكتابات وتوجهات طليعية، وان كان الحراك النقدى محتدما على أشده.. ولم تنج أيضا 68 من آفة الاستبعاد لأسماء أخرى كانت تعمل فى الساحة، ولكن ذلك كان واضحا ومعلنا. وقدمت (جاليرى 68) أسماء، ربما لم تستمر، فى ذات الحقل، أو انقطعت تماما الكاتب اللامع إبراهيم بعدالعاطي، وعرفنا خليل كلفت شاعرا وقاصا وناقدا، وعرفنا أيضا يضم عطية شاعرا.. وكتب غالى شكرى مقاله الشهير (ودعنا زدانوف إلى الأبد).. يرد فيه على رؤوف نظمى الذى علق كتاب شكرى (شعرنا الحديث إلى أي).. وكان رؤوف نظمى ناقدا ماركسيا ميكانيكيا يصلح أن يكون ستالينسيا بامتياز .








الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;