"واتجوز الأمير الوسيم حبيبته، وعاشوا فى تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات، وتوتة توتة خلصت الحدوتة"، حدوتة شهيرة تحكى دائما للأطفال قبل النوم، نختم بها حكاياتنا الطفولية السعيدة، حتى أصبحت أيقونة للسعادة المطلقة، للفرح الدائم.
لكن بما إن المقولة أصبحت أيقونة لحكايات الأطفال، فإن الكثير ربما لم يفكر فى معنى "التبات والنبات" والمقصود من وراء ذكرهم فى الجملة، والمغزى من وراء ذكرهم فى العديد من حكايات الأطفال؟
والتبات هو النطق العامى لكلمة الثبات أى الاستقرار، والنبات هو الحصول على الثمار وهو بالطبع أهم ما يميز الشعوب التى تعيش على الزراعة، كما ترى الحكاء الشعبى يصف سعادتهم بأنها وليدة الاستقرار.
بحسب المعاجم العربية فإن تبات تأتى من الثبات وهو عدم تغير الحال ما يعنى استقرار أوضاعهم، وتعبر الكلمة عن حالة "الاستقرار" بين الحبيب والحبيبة فى الحكايات القديمة والمعاصرة وإلى الأبد لابد لهما من الاستقرار اللازم للإنجاب والإثمار، عدم الزوال، ومنه: الثبات فى المعركة أى: عدم الفرار منها. (فقهية، والثبات فى المكان: الاستقرار فيه، كلنا نحترق أنت فى ثباتك وأنا فى طوافى، الثبات على الرأْى: الاستمرار فيه، لا ثبات لمن لا إيمان له وكانت جميع أعمالها مقرونة بالثبات والصبر والاعتناء.
أما النبات النمو، ويقال نبت الزرع: خرج من الأرض وأخذ ينمو (نبتت الحشائش بكثافة وفى القرآن الكريم يقول الله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} [قرآن])، ومعنى نبتت لهم نباتة: نشأ لهم نشءٌ صغار.
ويبدو ثنائية "البتات والنبات" التى امتلأت بها الحكايات الشعبية العربية، من المفترض أن الثبات فيها يمثل بقاء الشيء على حاله، كما هو دون تغيير، أما النبات فهو نمو وصيرورة أو لا يكون، وهو ما يبدو تناقضا عند النظر إليها للوهلة الأولى، لكن استخدمها يبدو للتكامل أكثر فى المعنى الذي يراد أن يصل من خلال الحكايات، فالاستقرار ليس نقيض للنمو إذا كان شريكان فى الحياة كلا منهم له طريقة، فلابد للإنسان أن يكون مستقرا على المستوى الشخصى والنفسى، حتى يستطيع أن ينجز أعماله وينمو بأعماله على سبيل المثال، كما أن السعادة وليدة الاستقرار، لكنها لن تأتى إلا إذا حصد الإنسان ثمار نجاحه.