رفاعة الطهطاوى والدولة العلوية.. من كرمه ومن غضب عليه؟

تمر، اليوم، ذكرى ميلاد المفكر المصرىرفاعة رافع الطهطاوى، الذى ولد فى مثل هذا اليوم 15 أكتوبر من عام 1801م، وأصبح بعد ذلك واحدا من صناع النهضة فى مصر، وصاحب التأثير الكبير فى مسيرة التفكير العلمى فى مصر الحديثة، وخلال التقرير التالى نتحدث عن رفاعه الطهطاوى ودولة محمد على باشا، فمن كرمه ومن غضب عليه؟. عهد محمد على بدأت سيرة رفاعة الطهطاوى العلمية مع محمد على، والذى أرسله ضمن بعثة تضم 40 طالبًا، على متن السفينة الحربية الفرنسية، وكان ذلك فى 1826، لدراسة اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة، وكان عمره حينها 24 عامًا، وكان ذلك بناء على ترشيح من الشيخ حسن العطار، وذهب رفاعة بصفته إمامًا للبعثة ولكنه إلى جانب كونه إمام الجيش اجتهد ودرس اللغة الفرنسية هناك وبدأ بممارسة العلم، وبعد خمس سنوات حافلة أدى رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذى نال بعد ذلك شهرة واسعة تخليص الإبريز فى تلخيص باريز. وبعد انتهاء البعثة عاد رفاعة لمصر فى 1831م، ليبدأ رحلته فى العلم وتحقيق أماله فعمل بالترجمة فى مدرسة الطب، ثم عمل على تطوير مناهج الدراسة فى العلوم الطبيعية، ليفتتح فى عام 1835م، مدرسة الترجمة، التى أصبحت بعد ذلك مدرسة الألسن، وعين مديرًا لها إلى جانب عمله كمدرس بها. وخلال حكم محمد على، تجلى المشروع الثقافى الكبير لرفاعة الطهطاوى ووضع الأساس لحركة النهضة التى صارت فى يومنا هذا، ففى الوقت الذى ترجم فيه متون الفلسفة والتاريخ الغربى ونصوص العلم الأوروبى المتقدِّم نراه يبدأ فى جمع الآثار المصرية القديمة ويستصدر أمراً لصيانتها ومنعها من التهريب والضياع. وظل جهد رفاعة يتنامى بين ترجمةً وتخطيطاً وإشرافاً على التعليم والصحافة، فأنشأ أقساماً متخصصة للترجمة "الرياضيات، الطبيعيات، الإنسانيات"، وأنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد ومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية. عهد عباس حلمى عندما تولى عباس حلمى حكم مصر، هدمت أحلام وآمال رفاعة الطهطاوى، حيث أغلق عباس مدرسة الألسن التى ظلت مفنوحة 15 عاما، لعدم رضاه عن سياسة جده محمد على وعمه إبراهيم باشا، وأوقف أعمال الترجمة وقصر توزيع الوقائع على كبار رجال الدولة من الأتراك، ونفى رفاعة إلى السودان عام 1849م، ليعبث عباس بوجه الثقافة والمشروع النهضوى الكبير، الذى رسمه رفاعة. وبالفعل نفى عباس حلمى الأول رفاعة الطهطاوى، إلأى السودان بحجة توليه نظارة مدرسة ابتدائية يقوم بإنشائها هناك، فتلقى رفاعة الأمر بجلد وصبر، وذهب إلى هناك، وظل هناك فترة دون عمل استغلها فى ترجمة رواية فرنسية شهيرة بعنوان "مغامرات تلماك"، ثم قام بإنشاء المدرسة الابتدائية، وكان عدد المنتظمين بها نحو أربعين تلميذًا، ولم يستنكف المربى الكبير أن يدير هذه المدرسة الصغيرة، ويتعهد نجباءها برعاية خاصة. سعيد باشا وبعد وفاة عباس الأول عام 1854 م)، يعود رفاعة الطهطاوى إلى القاهرة، وأسندت إليه فى عهد الوالى الجديد عدة مناصب تربوية، فتولى نظارة المدرسة الحربية التى أنشأها سعيد لتخريج ضباط أركان حرب الجيش عام 1856م، واهتم رفاعة بها اهتمامًا كبيرًا، وجعل دراسة اللغة العربية بها إجبارية على جميع الطلبة، وأعطى لهم حرية اختيار أجدى اللغتين الشرقيتين: التركية أو الفارسية، وإحدى اللغات الأوربية: الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، ثم أنشأ بها فرقة خاصة لدراسة المحاسبة، وقلمًا للترجمة برئاسة تلميذه وكاتب سيرته صالح مجدي، وأصبحت المدرسة الحربية قريبة الشبه بما كانت عليه مدرسة الألسن. الخديوى إسماعيل يتولى الخديوى إسماعيل الحكم بعد رحيل سعيد، عام 1863م ، ليقضى رفاعة العقد الأخير من عمره الحافل فى نشاط مفعم بالأمل، فيشرف مرة أخرى وأخيرة على مكاتب التعليم، ويرأس إدارة الترجمة، ويصدر أول مجلة ثقافية فى تاريخنا روضة المدارس، ويكتب فى التاريخ (أَنْوارُ تَوْفِيقِ الجَلِيل فِى أَخْبَارِ مِصْرَ وتَوْثِيقِ بَنىِ إِسْمَاعِيل)، وفى التربية والتعليم والتنشئة (مَبَاهِجُ الأَلْبَابِ المِصْرِيَّةِ فِى مَنَاهِج الآدَابِ العَصْرِيَّةِ)، (المُرْشِدُ الأَمِينِ للبَنَاتِ والبنَينِ)، وفى السيرة النبوية (نِهَايَةُ الإِيجَازِ فِى تَارِيخِ سَاكِنِ الحِجَازِ) ومن مؤلفاته أيضاً (القول السديد فى الاجتهاد والتجديد) و(تعريب القانون المدنى الفرنساوى) و(مغامرات تليماك) و(قلائد المفاخر) و(المعادن النافعة) والكتير من المؤلفات الأخرى. ويرحل رفاعة الطهطاوى فى عام 1290 هـ/1873م، عن عمر يناهز الـ 72 عاما، ليصبح واحدا من صناع النهضة فى مصر، وصاحب التأثير الكبير فى مسيرة التفكير العلمى فى مصر الحديثة.










الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;