الثابت أن معركة بدر الكبرى كانت لها آثار مهمة فى التاريخ الإٍسلامى، فقد انتصر المسلمون، لكن ماذا عن القتلى والأسرى من الكفار، كم كان عددهم، وما الذي يقوله التراث الإسلامى.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "فصل عدد القتلى والأسرى من المشركين يوم بدر سبعون"
والمشهور أن الأسارى يوم بدر كانوا سبعين، والقتلى من المشركين سبعين، كما ورد فى غير ما حديث مما تقدم، وسيأتى إن شاء الله.
وكما فى حديث البراء بن عازب فى (صحيح البخارى): أنهم قتلوا يوم بدر سبعين، وأسروا سبعين.
وقال موسى بن عقبة: قتل يوم بدر من المسلمين من قريش ستة، ومن الأنصار ثمانية، وقتل من المشركين تسعة وأربعين، وأسر منهم تسعة وثلاثين.
هكذا رواه البيهقى عنه.
قال: وهكذا ذكر ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة فى عدد من استشهد من المسلمين وقتل من المشركين.
ثم قال: أخبرنا الحاكم، أخبرنا الأصم، أخبرنا أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق.
قال: واستشهد من المسلمين يوم بدر أحد عشر رجلا، أربعة من قريش وسبعة من الأنصار، وقتل من المشركين بضعة وعشرون رجلا.
وقال فى موضع آخر: وكان مع رسول الله ﷺ أربعون أسيرا، وكانت القتلى مثل ذلك.
ثم روى البيهقى: من طريق أبى صالح كاتب الليث، عن الليث، عن عقيل، عن الزهرى قال: وكان أول قتيل من المسلمين مهجع مولى عمر، ورجل من الأنصار، وقتل يومئذ من المشركين زيادة على سبعين، وأسر منهم مثل ذلك.
قال: ورواه ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: قال البيهقى - وهو الأصح - فيما رويناه فى عدد من قتل من المشركين وأسر منهم، ثم استدل على ذلك بما ساقه هو والبخارى أيضا من طريق أبى إسحاق، عن البراء بن عازب قال:
أمّر رسول الله ﷺ على الرماة يوم أحد عبد الله بن جبير، فأصابوا منا سبعين - يعني: يوم أحد - وكان النبى ﷺ وأصحابه قد أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا، وسبعين قتيلا.
قلت: والصحيح أن جملة المشركين كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف، وقد صرح قتادة بأنهم كانوا تسعمائة وخمسين رجلا، وكأنه أخذه من هذا الذى ذكرناه، والله أعلم.
وفى حديث عمر المتقدم أنهم كانوا زيادة على الألف، والصحيح الأول لقوله عليه السلام: «القوم ما بين التسعمائة إلى الألف»، وأما الصحابة يومئذٍ فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، كما سيأتى التنصيص على ذلك وعلى أسمائهم إن شاء الله.
وتقدم فى حديث الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، وقاله أيضا عروة بن الزبير، وقتادة، وإسماعيل، والسدى الكبير، وأبو جعفر، الباقر. (جص:3 367)
وروى البيهقى من طريق قتيبة، عن جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله بن مسعود فى ليلة القدر قال: تحروها لإحدى عشرة بقين فإن صبيحتها يوم بدر.
قال البيهقي: وروى عن زيد بن أرقم أنه سئل عن ليلة القدر، فقال: ليلة تسع عشرة ما شك، وقال: يوم الفرقان يوم التقى الجمعان.
قال البيهقي: والمشهور عن أهل المغازى أن ذلك لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان.
ثم قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين بن بشران، حدثنا أبو عمرو بن السماك، حدثنا حنبل بن إسحاق، ثنا أبو نعيم، ثنا عمرو بن عثمان: سمعت موسى بن طلحة يقول: سئل أبو أيوب الأنصارى عن يوم بدر فقال: إما لسبع عشرة خلت أو لثلاث عشرة خلت أو لإحدى عشرة بقيت، وإما لسبع عشرة بقيت.
وهذا غريب جدا.
وقد ذكر الحافظ بن عساكر فى ترجمة قباث بن أشيم الليثي، من طريق الواقدى وغيره بإسنادهم إليه: أنه شهد يوم بدر مع المشركين فذكر هزيمتهم مع قلة أصحاب رسول الله ﷺ، قال:
وجعلت أقول فى نفسي: ما رأيت مثل هذا الأمر فر منه إلا النساء، والله لو خرجت نساء قريش بالسِّهاء، ردت محمدا وأصحابه.
فلما كان بعد الخندق، قلت: لو قدمت المدينة فنظرت إلى ما يقول محمد، وقد وقع فى نفسى الإسلام.
قال: فقدمتها فسألت عنه، فقالوا: هو ذاك فى ظل المسجد فى ملأ من أصحابه، فأتيته وأنا لا أعرفه من بين أصحابه فسلمت.
فقال: يا قباث بن أشيم أنت القائل يوم بدر: ما رأيت مثل هذا الأمر فر منه إلا النساء؟
فقلت: أشهد أنك رسول الله فإن هذا الأمر ما خرج منى إلى أحد قط، ولا تزمزمت به إلا شيئا حدثت به نفسي، فلولا أنك نبى ما أطلعك الله عليه، هلم أبايعك على الإسلام فأسلمت.