تمر اليوم الذكرى الـ 918 على انتصار السلاجقة على الصليبيين في معركة حران، وذلك في 7 مايو عام 1104م، وهى معركة وقعت بين الدول الصليبية في إمارة أنطاكية وكونتية الرها، والسلاجقة. وهي أول معركة كبرى ضد الدول الصليبية الناشئة حديثاً في أعقاب الحملة الصليبية الأولى لتكون نقطة تحول ضد توسع الفرنجة. كان للمعركة تأثير كارثي على إمارة أنطاكية حيث استرد السلاجقة الأراضي التي كانوا قد فقدوها.
والسلاجقة هى واحدة من الدول الكبرى فى تاريخ الإسلام وإقليم وسط آسيا، لعبت دوراً كبيراً فى تاريخ الدولة العباسية والحروب الصليبية والصِّراع الإسلامى البيزنطى، تأسَّست الدولة على يد سلالة السَّلاجقة، وهى سلالة تركيَّة تنحدر من قبيلة قنق التى تنتمى بدورها إلى مجموعة أتراك الأوغوز. حكمت الدولة السلجوقيَّة فى أوج ازدهارها إيران وأفغانستان ووسط آسيا وُصولاً إلى كاشغر فى الشرق، فضلاً عن العراق والشام والأناضول غرباً وُصولاً إلى مشارف القسطنطينية.
وامتدت جغرافيا هذه الإمبراطورية من آسيا الوسطى فى الشرق، وصولاً إلى الأناضول فى الغرب، وبحلول نهاية القرن الثانى عشر، كانت الإمبراطورية السلجوقية قد تجزأت إلى عدد من الولايات الأصغر التى كانت تحكمها سلالات أخرى.
والسلاجقة فى الأصل بدو رحل سكنوا سهول آسيا الوسطى وجنوب شرق روسيا، ويرجع تاريخهم إلى 950 م، حيث هاجر السلاجقة إلى خوارزم فى وقت لاحق منذ عام 985، وقاد السلاجقة اتحادًا لتسع قبائل تركية متجهين إلى بلاد فارس، حيث استقروا واعتنقوا الإسلام واختاروا المذهب السنى.
وتحالف السلاجقة مع الإمبراطورية الفارسية وتزوجوا من سكان الفرس المحليين، ونتيجة لذلك تم تبنى العديد من جوانب الثقافة واللغة الفارسية من قبل القادمين الجدد، لكن لم يستمر التحالف مع الفرس لفترة طويلة، حيث تم تدميرهم من قبل "القراخانيين" فى عام 999، وتم استبدال السامانيين "بالغزنويين" وكان السلاجقة فى حالة حرب معهم.
وقاد السلاجقة هجوما على الغزنويين، وهزموهم بشكل حاسم فى عام 1039 فى معركة دانداناجان، ونتيجة لذلك تأسست الإمبراطورية السلجوقية.
وفى عهد ألب أرسلان وصلت إمبراطورية السلاجقة إلى ذروتها فى السلطة، وتوسّع ألب أرسلان إلى أرمينيا وجورجيا وقاتل الإمبراطور البيزنطى، وفى عام 1071 حقق ألب أرسلان فوزًا حاسمًا على البيزنطيين فى معركة مانزيكرت، وتم الاستيلاء على الإمبراطورية البيزنطية، لكن أرسلان لم يعش لقهر منطقة الأناضول لأنه توفى العام التالى.
وخلف ألب أرسلان ابنه، مالك شاه الأول، الذى واصل حملة والده العسكرية، وقاد السلاجقة فى حرب ضد القراخانيين وكانوا قادرين على التوسع فى آسيا الوسطى وفى الحدود الغربية للصين.
عندما توفى مالك شاه فى عام 1092 فقدت إمبراطورية السلاجقة وحدتها، حيث تقاتل أخوه وأبناؤه الأربعة من أجل السلطة، على الرغم من أن محمود مالك شاه أصبح حاكمًا جديدًا لإمبراطورية السلاجقة، إلا أنه لم يستطع أن يوحد الإمبراطورية، وأثناء حدوث هذا التشرذم، واجه السلاجقة أحدث جزء من الحملة الصليبية الأولى، ولم يكن السلاجقة قادرين على الاتحاد ضد الصليبيين، على الرغم من أن حكام السلاجقة كانوا يحلمون بتوحيد إمبراطوريتهم، إلا أن هذا لم يتحقق أبدًا.
وواصلت الإمبراطورية وجودها فى القرن الذى تلا ذلك، على الرغم من أنها لم تعد تتمتع بالقوة التى كانت تتمتع بها فى الماضى، تحت حكم ألب أرسلان ومالك شاه الأول، وفى عام 1194 فقدت إمبراطورية السلجوق معظم أراضيها الشرقية أمام الخوارزميين.