الدكتور محمد أبوالفضل بدران يكتب: أربعة أسباب تضعنا فى عصر الحريم

هل نالت المرأة حقها فى المناصب القيادية أم أنها ما تزال فى عصر الحريم؟ ما مشكلات المرأة التى تحول بينها وسُلّم القيادة؟ وإذا كانت نسبة العاملات فى مؤسسات الدولة تربو على 70% قياساً بنسبة الرجال فلماذا لم تصل المرأة إلى نسبة مُرضبة فى مجالات تولى القيادة ؟ إن المجتمع الذى رضى تعليم المرأة وقبِل أن تعمل ما تزال فى ذهنه ذكورية القيادة وتبعية المرأة ، والتراث الذى فسّره بعض الأجداد الذكور وخلّف مفسرين ومنظّرين ساروا على هوى الأجداد مُرجعين تلك الحيلولة بين المرأة والمناصب القيادية إلى شروح يُشك فى صحتها ،ولقد أحسن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عندما قال "لا يوجد ما يمنع المرأة أن تتولى المناصب القيادية" إننى أُرجع تخلف المرأة للوصول إلى المناصب القيادية إلى عدة عوامل منها أولاً : غلبة التشدد: هذا التشدد الذى بات يهيمن على الساحة الدينية فى معظم بلدان العالم الإسلامى ، ومن عجب أنه صادف هوى لدى بعض المصريين الذين وجدوا فيه تشددا يتفق مع أهوائهم، فراحوا يودون عودة المرأة إلى البيت مكتفية من الغنيمة بالإياب وهيهات لهم ، فإن امرأة تعلمت وفهمت أمور دينها فهما صحيحا هيهات أن تقبع فى منزل أهلها دون عمل ودون إكمال تعليمها ، ولقد أحصيت من تخرجوا من جامعة جنوب الوادى على سبيل المثال منذ أن كانت فرعا بجامعة أسيوط إلى العام الماضى لأكتشف أن عدد الخريجين يربو على نصف مليون منهم 322000 ثلاثمائة واثنتين وعشرين ألف فتاة هن اللواتى نراهن الآن فى مدارسنا وشركاتنا ومصانعنا و هن اللواتى لـمّا يصلن إلى ما ينشدن من مناصب بسبب عقول أوقفت نشاطهن القيادى وحجّمت مشاركتهن فى موقع التابعات لا القائدات .

ثانياً : ثقافة القبيلة : فالقبيلة منذ كانت تقوم على طبقية واضحة لم تكن المرأة ذات يوم شيخة قبيلتها ولا فى مجلس شورى القبيلة ، وكم آلمنى حوارات القرى قبل عدة أعوام قليلة عندما رشحت إحدى الفتيات نفسها لعضوية مجلس الشعب فرأى الناس فى ذلك بدعة سيئة وسابقة خطيرة بمحافظة قنا وذكّرها الرجال بمقتل مرشحة فى أحد مراكز المحافظة قبل أعوام ، وعندما صممت أن تخوض التجربة انقسمت آراء القبائل حول قضية تبدو تافهة لكن مغزاها عميق : هل تُفتح لها " المنادر " لكى تلتقى الرجال من أهل القبيلة ؛أو لا يجوز ذلك؟ فكيف لامرأة أن تدخل مندرة لم تطأها قدم امرأة منذ إنشائها ؟! ثالثا: سلبية بعض النساء:تبدو القوانين شديدة وعادلة فى أيدى الرجال لكنها تطبق ببطء فى أيدى النساء لأن بعض الرجال يرون فى المرأة ضعفاً ، وفى توليها القيادة شرا ، ولذا تنأى بعض النساء بأنفسهن عن المناصب القيادية طوعا ؛ ، فالأمر هنا تنازل طوعى من المرأة وكأنها قبلت أن تكون مرؤوسة لا رئيسا .

رابعا : ازدواجية المعايير لدى الرجل: منذ بكاء امرئ القيس واستبكائه، يبكى الرجل على أقدام محبوبته؛ ويقبل المجتمع منه ذلك لأنه العاشق "ما على العاشق ملام" فهو يقبل الماسوشية Masochism المقبولة أمامها، لكنه يمارس السادية Sadism ضدها فى مواقف أخرى كثيرة .ولقد أبدع العشاق فى إعطاء المرأة منزلا عظيما ورضوا منها بالقليل الأقــــــل ، فافتخرت ولّادة قائلة: أنا والله أصــلح للمعالي/ وأمشى مشيتى وأتيه تيها فنالت المرأة المعشوقة حقوقها من خلال الرجل العاشق فحسب فهى تدور فى فَلك الرجل أيضا فهذا الرجل العاشق المتذلل هو الرجل ذاته الذى يمارس اضطهاد المرأة الأخرى ، ومن عجب أنه يفصل بين الموقفين فصلا تاما دون أن يفكر فى دمج الموقفين إحقاقا لحقوقهن المغتصبة .

أضف إلى ذلك فإن سر الرجل الذى لا يقبل أن تنال المرأة نصيبها فى الميراث كيف يقبل أن تأخذ حقها فى المناصب القيادية.

ومن الملفت للنظر أن المجتمع قد كوّن قيادة خفية للأرض من النساء ، فالسيدة مريم عليها السلام أطهر نساء العالمين ، والسيدة زينب والسيدة نقيسه والسيدة سكينة سيدات آل البيت النبوى الطاهر هن مقدسات عند المسلمين الذين أنزلوهن منزلة عظيمة فى قلوبهم ؛ وراح الصوفيون يتغزلون فى السيدة رابعة العدوية وفى ليلى ولبنى وسعاد هذه الأسماء التى صارت رمز المرأة عبر العصور وراح الشعراء يذوبون عشقا فى المجالس الصوفية بهن ليعودوا إلى بيوتهم وإعمالهم دون أن يربطوا بين هؤلاء اللواتى تغزلن بهن فى مجالسهم وبين من ينتظرنهم فى المنازل ومن يزاملوهن فى العمل ، وكأنهن من جنس آخر لا ينتمى إلى ذاك .

بل إن شاعر السّير والملاحم يشيب الرؤوس بأفعال الماجدات كاليمامة وخضرة الشريفة والجازية والأميرة ذى الهمة وغيرهن بينما لا ينظر أمامه سوى الرجال.

فى وزارات كالإعلام سيطرت المرأة على 90% من المناصب القيادية لكن هذا يقابله ضياع فرص المرأة فى الوصول إلى المناصب القيادية فى أغلب وزارات الدولة الأخرى .

لقد وصلت فى الجامعات إلى نسبة معقولة لكن لم نر امرأة رئيس جامعة كما لم نرها محافظة أيضا.وفى ظل القوائم الانتخابية ذيلوا بها القائمة لينجح الرجال وترسب المرأة،هنالك أخطاء لكن الخطأ الذى نتعلم منه لا يعد – من وجهة نظرى – خطأ ، والمعوقات من الرجل والمرأة ، والمجد للمستقبل الذى لن يأتى بالفرض ولا بالقرارات بل بالإقناع حتى لا تقع المرأة فى شّرك مواجهة الرجل فتفقد المعين المجتمعى ، وهذا ما التفتت إليه المرأة فى الغرب إذ جعلت الرجل يقتنع بحقوقها ويدافع عنها فكسبت حقوقها ؛ أما أن تخسر المجتمع فستقف وحدها أمامه وهنا مكمن الخطر؛إن ترويض المجتمع نحو قبول فكرة المرأة القائدة يأتى بتطور المناهج وتطور العقول وهذا هو دور المجتمع المدنى والجامعات والإعلام وهو دور المرأة فى الأساس ... دعونا نبدأ . [email protected]



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;