ذات يوم.. «النواب» يرفع جوابه إلى «توفيق» ويكتشف انتخاب ثمانية فى البحيرة والمطلوب خمسة

ذهب سلطان باشا، رئيس مجلس «شورى النواب» إلى «سراى الإسماعيلية» للقاء الخديوى توفيق فى «مثل هذا اليوم 29 ديسمبر 1881» لتقديم جواب المجلس على خطاب العرش الذى ألقاه الخديوى فى افتتاح المجلس يوم «26 ديسمبر»، كان عبدالله باشا فكرى كبير الكتاب «أمين سر المجلس» ضمن مرافقى «سلطان باشا» بالإضافة إلى أعضاء «لجنة العشرة» الذين تم اختيارهم لتحضير «الجواب»، وحسب كتاب «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى» تأليف عبدالرحمن الرافعى «دار المعارف - القاهرة» فإن اللجنة كانت مكونة من، أحمد بك الشريف، عبدالسلام بك المويلحى، محمد بك الشواربى، أمين بك الشمسى، هلال بك منير، محمود بك سليمان، أحمد بك على، مراد أفندى السعودى، إسماعيل أفندى سليمان، وعلى بك شعير، وارتدوا جميعا ملابسهم الرسمية وتوجهوا إلى «السراى» لتقديم «الجواب» على خطاب العرش الذى أعدته اللجنة وأقره المجلس. استقبل الخديوى ومعه الوزراء، أعضاء اللجنة، وتلا النائب محمود بك سليمان الجواب، وكان نصه وفقاً لـ«الرافعى»: «بعد حمد الله تعالى على توفيقه وإرشاده، والصلاة والتسليم على من اصطفى من عباده، نقوم لدى هذه السدة الخديوية الكريمة، نحن معاشر نواب الأمة المصرية مقام النيابة عن جميعها فى تقديم واجب الشكر لهذا الجناب الخديوى الفخيم، على انعطاف عواطفه نحو مجلس الشورى النيابية الذى افتتحه بنطقه الشريف، إظهارا لمقصده الجليل من حيز القول إلى عالم الفعل وإجابة لرغبة الأمة، ونظرا للمصلحة العامة، بعد أن زالت العوائق دونه وامتنعت الموانع بيننا وبينه بجلائل هممه الخديوية التى ذللت لها صعاب المسائل، وخضعت دونها رقاب المشاكل، حتى صفا الوقت واطمأنت الحال، ودنا المنى وانقادت الآمال، ولقد شنف أسماعنا وأنعش أرواحنا ذلك النطق الكريم، وملك أفئدتنا سرورا وطربا بما تضمن من الإفصاح عما عرفناه لولى النعمة وألفناه من نزاهة النية ونبالة القصد، حتى لقد نطقت السرائر بما بدا على قسمات الوجوه من سمات السرور، فلم تدع للألسنة من حاجة للتعبير عن فرط محبة عظيمة من أمة كريمة لمولى متفضل عليها متحبب إليها محب لحريتها مشغوف بخيرها ومنفعتها». وتضيف «اللجنة» فى جوابها: «لم يبق إلا أن نبذل غاية فى السعة ونأتى على قاصبة الاستطاعة فى نفع هذه الأمة التى ندبتنا للنظر فى منفعتها، واستنابتنا عن أنفسنا لرؤية مصالحها، سالكين فى ذلك من مسالك الحزم والتبصر وحسن النظر ما تحسن بعناية الله مغبته، وتحمد بيمن توفيقه عاقبته، ويعضد مقاصد حكومتنا السنية المتجهة للسداد والرشاد وسلامة البلاد والعباد، ويؤيد ما لنا من روابط التبعية للذات السنية السلطانية والدولة العلية العثمانية التى منحتنا عواطفها الكريمة من الامتيازات المرعية ما جلت به النعمة وعظمت المنة، ويؤكد علائقنا الودادية مع الدول الأجنبية المحبة لمنفعتنا وفائدة بلادنا، مبتهلين إلى الله جل ثناؤه وتقدست آلاؤه فى أن يحرس لنا هذا الخديوى الفخيم، ويديم لأوطاننا به النفع العميم». اللافت فى هذا «الجواب» هو لغته الإنشائية، وكلها ثناء ومدح للخديو والدعاء له، وأن كل الإنجازات تتم بفضله، كما أنه «جواب» قصير «بلا أرقام ومعلومات»، وبالرغم من ذلك فإن «الرافعى» يعد خطبة رئيس «النواب» يوم افتتاح المجلس و«تعقيب سليمان باشا أباظة» عليها، و«جواب المجلس» على خطبة العرش من الوثائق المهمة فى تاريخ المجلس قائلا: «هى صورة ناطقة تمثل لنا جانبا من الحياة السياسية والآداب البرلمانية فى ذلك العصر، ولغة هذه الوثائق ومعانيها حسنة فى مجموعها، وتدل على سهولة إيلاف نواب سنة 1881 للأساليب البرلمانية الحديثة». وحسب «الرافعى» فإن المجلس اجتمع فى نفس اليوم الذى قدم جوابه إلى الخديوى، وحضر الاجتماع 73 نائبا برئاسة «سلطان باشا»، وتليت عليهم قرارات اللجان عن تحقيق صحة نيابة الأعضاء، فتبين أن نواب «البحيرة» يزيدون ثلاثة، لأن عدد نوابها خمسة وانتخبت عنها ثمانية، فاستعفى أحدهم الشيخ أحمد الحناوى، وتبين أن الأصوات التى نالها الشيخ أحمد الصوفانى أقل من أصوات محمد بك الصيرفى، وكذلك محمد أفندى عوض، والاكتفاء بالخمسة الباقين من نواب البحيرة مع التصديق على انتخاب باقى النواب»، وتناقش الأعضاء فى: هل يسير المجلس على أحكام اللائحة الأساسية القديمة التى انتخب الأعضاء على أساسها، أو ينتظر وضع اللائحة القديمة إلى أن تقر اللائحة الجديدة؟، وانتخب لجنة للنظر فى اللائحة الجديدة التى اعتزمت الوزارة وضعها وتقديمها للمجلس لاعتمادها، فكان تأليف اللجنة قبل أن يحال إلى المجلس مشروع اللائحة بمثابة استعجال لوضعه».



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;