بالصور.. "الفخار" صناعة مصرية.. الإيد تتلف فى حرير

"إيد تتلف فى حرير".. هذا أول ما نطق به لسانى بمجرد أن وقعت عيناى على ما أبدعه صانع الفخار الذى التقيته بقرية الفخارين الموجودة فى حى الفسطاط بمصر القديمة، لأغوص فى عالم ساحر بديع تُصنع فيه المعجزات، اصطحبنى فيها إلى ورشته الصغيرة لصناعة الفخار. رغم صغر سن إسماعيل الذى لم يتعدى 21 عاماً لكنه يتقن الحرفة، حيث كان يأتى مع أبيه منذ نعومة أظافره إلى الورشة ويقلد ما يراه بتحويل الطين إلى أشكال رائعة من الفخار، حتى تشبع بالحرفة وقرر الدخول إلى مدرسة الصنايع لاكتساب مزيد من المعلومات حول صناعة الفخار. ويقول إسماعيل لـ "انفراد": "أنا حاسس بكيانى فى المهنة دى لأنها من أقدم الحرف اللى عرفها المصريون وعريقة فى التراث المصرى، وكملت دراستى فيها"، مشيراً إلى أن العمالة المصرية من أمهر العمالة فى العالم بسبب تمكن الصنايعى من حرفته رغم قلة الإمكانيات والآلات التى يستخدموها. ويشير إسماعيل إلى أن أحد أسباب نقص العمالة فى هذه الحرفة هو أن الصنايعى يتجه إلى مهن يحصل من خلالها على أجر أعلى. وعن هذه الصناعة يتحدث إسماعيل موضحاً أن الفخار فى أساسه عبارة عن كتل جبلية يتم تفتيتها إلى ما يشبه الدقيق، وبوضع الماء عليه فى الخزانات المناسبة للخلط ليصبح طينا قابلا للتشكيل ليتم تشكيلها على الطاحونة الخاصة بصناعة الفخار والتى تتكون من أسطوانة يتم تحريكها بالقدم حتى يتمكن الصانع من تشكيل الفخار بطريقة صحيحة وأخيراً يوضع الشكل المصنوع فى الفرن. ويوضح إسماعيل أن هناك أنواعا متعددة من الفخار منها لتخزين المأكولات والمشروبات التى يمكن أن تترك لمدة عام دون أن تتلف مثل البلاص وقدرة السمن والقلل والزبدية والطواجن والزير والأباريق. داخل ورش صناعة الفخار بقرية الفخارين التقيت الحاج عبد الحى ذى الـ65 عاماً يعمل بمجال النقاشة على الفخار منذ 50 عاما، وكان طموحه الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، إلا أنه لم يكمل تعليمه بسبب مرض والده، وظل يعمل بهذا المجال وافتتح ورشة خاصة به بحى الصف بالصعيد لكنه أغلقها بسبب بعدها عن القاهرة، وظل يعمل فى أحد الورش بحى الفخارين. أما عم فاروق أحمد الذى يبلغ من العمر 76 عاماً فقال إنه بدأ هذه الحرفة منذ الصغر، لكنه فضل عدم دخول أولاده الخمس إليها لأنها "مهنة بدون رصيد" على حد وصفه، أى أنها مهنة بدون معاش ولا تأمين على الشخص، واختتم حديثه قائلاً: "لو مكنتش اشتغل للقرش هعمل إيه؟".