لم يجد الزوجان بُداً من زيارة الطبيب النفسي طلباً للمساعدة في حل مشكلة لطالما أثارت الخلاف بينهما ، ذلك أن الزوجة لا تستشعر الأمان في علاقتها بزوجها ، وبحثا عن هذا الاطمئنان النفسي ؛ كانت تطالب زوجها بشكل مستمر أن يؤكد على حبه لها من خلال الكلمات الدالة على الحب، ولا تقر نفسها عيناً حتى تسمع منه هذه الكلمات لأكثر من عشر مرات يومياً وبصوت ناعم دافئ، وإذا تقاعس الزوج عن ترديد هذه العبارات يبدأ النزاع بينهما وتستحيل الحياة قلقاً ونغصاً واضطراباً. سأل الطبيب الزوجة عن كونها شخصاً جديراً بالحب أم لا ؟ فأجابت مرتبكة : الحب ليس شيئاً تكون جديراً به؛ الحب شيء تحصل عليه من الآخرين !
إن كثيراً منّا يبحث عن دعم نفسي من الآخر تجاه أشياء وصفات نريد أن نراها في أنفسنا، وخاصة في حال شعورنا بعدم القدرة أو الثقة أو الحب ، فنسارع إلى الآخرين نطالبهم ونلتمس منهم عبارات تؤكد أننا قادرون وجديرون بالثقة ومحبوبون .. وقد يكون من الأهمية بمكان أن نصنع شيئاً داخلياً لامتلاك هذه الصفات حتى لا نكون في حاجة مستمرة لهذا الدعم الخارجي. ومن المؤكد أن مفهوم المرء عن نفسه وسماته الشخصية -بغض النظر عن معتقدات الآخرين فيه- يجعله يشعر بالثقة في نفسه، ومعتقده بأنه شخص جدير بالحب مع يقين داخلي بذلك يُفقده شعور الاتكالية في الحصول على الطمأنة الخارجية. إنها تحولات نفسية للوصول إلى علاقات أفضل بالآخر، إنه هيكل البناء الداخلي الذي يمنح كل إنسان إحساساً بالذات يزداد رسوخاً مع الوقت.
وعلى الرغم من صعوبة تغيير صور الذات إلا أن المبدأ واحد وهو إدراكك لطريقة تفكيرك في ذاتك، ومن ثم القيام بتغييرها بشكل مباشر، فاستشعر أنك محبوب وواثق وقادر، وأي صفة أخرى تريد أن تراها في نفسك، واسلك في حياتك وفق هذه الصفات وسترى أثر ذلك جلياً في علاقتك بالآخر.
ولكن الأمر الذي يبدو أكثر تعقيداً؛ استحضار بعضنا لصور ذاتية مشحونة بنماذج من إخفاقات وخبرات سابقة غير موفقة، مما يجعل صور الذات سلبية، كما يجعل الأمر مربكاً لتغيير ها إلى أخرى إيجابية. إن مفهومنا عن الذات يؤثر في سلوكياتنا بطرق قوية، ولا يخفى تأثير تعديل المفهوم على أداءاتنا والتي ستحول حياتنا إلى الأفضل. فيقينك أنك جدير بالحب يجعلك شخصاً أكثر محبة وحساسية واستجابة وبراعة، فاجعل هذه المعرفة الداخلية تقترب بشكل وثيق من الشخص الذي تريد أن تكونه، وسترى أثراً إيجابياً على صحتك النفسية وعلى علاقاتك الشخصية والاجتماعية والإنسانية.