بعد أن عجزنا عن قهر جبال قمامتنا رغم استعانتنا فى وقت من الأوقات بالشركات الأجنبية لتخليصنا منها ومن بلاويها، ظهرت على السطح أسئلة كثيرة محيرة بالرغم من سهولة الإجابة عليها منها على سبيل المثال: هل استطاعت هذه الشركات أن تعلمنا كيف نحب الجمال وندرك أن يوما واحدا فى مدينة جميلة وهادئة أكثر بركة من عمر كامل نعيشه فى زحام وضوضاء وذباب وقمامة؟!
هل استطاعت أن تجعل منا ذلك الإنسان الذى إذا ما لاحظ غياب جاره عن بيته أسرع إلى حديقته يرويها ويهذب أغصان أشجارها حتى اذا ما عاد وجد حديقته أجمل مما كانت؟ وليس كما يحدث عندنا تزرع الشجرة – ان فعلت – امام بيتك فى المساء فلا تجدها فى الصباح واذا وجدتها ففى ايدى الأطفال يتبارزون بأغصانها ! وهل استطاعت هذه الشركات أن تمنعنا من هذا التمتع المرضى بوأد الأخضرار ؟ وهل منعت راكبى البودرة والشبح من إلقاء علب السجائر الفارغة وقشر الفاكهة واكياس المقرمشات - عينى عينك - فى وسط الطريق؟ هل علّمت الجالسين أمام محلاتهم أو الماشين على الاقدام فى الشوارع أن ينحنوا إلى الارض فيرفعون قطعة من الزجاج أو مسمارا أو قشرة موز قد تؤذى أحدا غيرهم إن لم يرها فداس عليها فيكونون ممن يميط الأذى عن الطريق وهى شعبة من شعب الإيمان لا تقل عن الصوم والصلاة والزكاة والحج ؟
وهل استطاعت هذه الشركات أن تمنعنا من التمتع – الذى يغيظ – بأصوات الميكروفونات فى الفجر حيث دروس الصباح وبعد منتصف الليل حيث الليالى الملاح وافراح بنت شاهبندر تجار الحى ! طبعا لم تستطع ولن تستطيع لا اليوم ولا غدا مالم تنبع ثقافة النظافة وحب الجمال من داخلنا ونشعر أننا جميعا مسئولون عن جمال بلدنا تماما كمسئوليتنا عن نظافة بيوتنا وأن يفعل كل مواطن ما يستطيعه لنظافة بلده ولو بتنظيف كل منا أمام مسكنه قدر استطاعته مخففا بذلك العبئ عن أخوتنا عمال النظافة، فالتغيير لا يأتى من الخارج أبدا وإذا أتى من الخارج فلا يدوم وإنما يدوم ويثمر خيراً كل تغيير يأتى من الداخل عن حب واقتناع وعزم واصرار ونية إسعاد الآخرين قبل إسعاد الذات ومرحباً بيوم نعتمد فيه على أنفسنا فى كل أمورنا وأن نكون صورة مجسدة للفضائل النبيلة تمشى على الأرض وتعيش بين الناس. وتصبح مثالا يقتدى، لا مسخا يتندر به ؟؟