حسام فخر الدين يكتب: "واضربوهن"

لا يمكن أن يُتصوَّر أن يأمر الله بالضرب لشريكة الحياة بمعنى: الجلد.، وبتعقب كلمة (ضرب) فى القرآن تأتى بمعانى مختلفة و لأنّ ديناً بهذه الرِّفعة والرُّقى والعظمة (الدين الإسلامي) والذى لا يسمح بإيذاء قطة، لا يمكن أن يسمح بضرب وإيذاء وإهانة الأم والأخت والزوجة والابنة. وبمتابعة المعنى الرائع لكلمة (فاضربوهن) فى القرآن وتفسير معناها ومقصدها نجد انها ليس كما يفسرها الآخرون ونفهمها نحن ... فماذا تقول الآية..! "َاللاَّتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إن اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً"النساء٣٤، " من خلال المعرفة البسيطة فى اللغة العربية وتطوّرها وتفسيرها فإن العقوبة للمرأة الناشز أى المخالفة نراه فى هذه الآية عقوبة تواترية تصاعدية: فى البداية تكون بالوعظ والكلام الحسن والنصح والإرشاد"، فإن لم يستجبن: فيكون الهجر فى المضاجع أى فى أسرّة النوم وهى طريقة العلاج الثانية ولها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة والهجر هنا فى داخل الغرفة. أما (واضربوهن) فهى ليست بالمدلول الفعلى للضرب باليد أو العصا لأن الضرب هنا هو المباعدة أو الابتعاد خارج بيت الزوجية، ولما كانت معانى ألفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه، فقد تتبعنا معانى كلمة (ضرب) فى المصحف وفى صحيح لغة العرب، نجد أنها تعنى فى غالبها المفارقة والمباعدة والانفصال والتجاهل، خلافاً للمعنى المتداول الآن لكلمة ضرب، فمثلا الضرب باستعمال عصا يستخدم له لفظ (جلد)، والضرب على الوجه يستخدم له لفظ (لطم)، والضرب على القفا (صفع) والضرب بقبضة اليد (وكز)، والضرب بالقدم (ركل)، وفى المعاجم وكتب اللغة والنحو لو تابعنا كلمة ضرب لنرى مثلاً فى قول: (ضرب الدهر بين القوم) أى فرّق وباعد بينهم، و(ضرب عليه الحصار) أى عزله عن محيطه، و(ضرب عنقه) أى فصلها عن جسده. فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل، وهنالك آيات كثيرة فى القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أى المباعدة: "وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أن أَسْرِ بِعِبَادِى فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِى الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى} طه 77، أى أفرق لهم بين الماء طريقاً، "فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أن اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ" الشعراء 63 أى باعد بين جانبى الماء، "لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِى الأَرْضِ" البقرة 273 أى مباعدة وسفر وهجرة إلى أرض الله الواسعة، "وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ" المزمل 20 أى يسافرون ويبتعدون عن ديارهم طلباً للرزق، "فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ" الحديد 13 أى فصل بينهم بسور، ويُقال فى الأمثال (ضرب به عُرض الحائط) أى أهمله وأعرض عنه، وذلك المعنى الأخير هو المقصود فى الآية. أما الآية التى تحض على ضرب الزوجة "فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ"، فالآية تحض على الوعظ ثم الهجر فى المضجع والاعتزال فى الفراش، أى لا يجمع بين الزوجين فراش واحد، وإن لم يُجْدِ ذلك ولم ينفع، فهنا (الضرب) بمعنى المباعدة والهجران والتجاهل، وهو أمر يأخذ به العقلاء من المسلمين، وأعتقد أنه سلاح للزوج والزوجة معاً فى تقويم النفس والأسرة والتخلص من بعض العادات الضارة التى تهدد كيان الأسرة التى هى الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامى والإنسانى .



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;