سارة عبد العزيز تكتب: مطالب استثنائية من المؤتمر العالمى لدار الإفتاء

جاءوا إلى بلادنا طوعاً لا كرهاً وقصدوها دون غيرها من البلاد فعشقوا مكوناتها الثقافية، العادات والتقاليد والملابس والشعائر الدينية، فهم يرون أن كل شىء تاريخى وقديم هو سر جمال بهيـــة. هم فئة من الطلاب زاد توافدهم فى العقدين الماضيين لأسباب سياسية ودينية وثقافية ارتبطت بعضها بأحداث 11 سبتمبر، وما خلف وراءها من شغف كبير نحو الشرق وثقافته، فكثرت المراكز والمعاهد الخاصة وبعض المراكز بالجامعات المصرية، إلى جانب مركز اللغة العربية بجامعة الأزهر، وبرز هذا المجال (Arabic for non native students) اللغة العربية لغير الناطقين بها وتخصص به مئات المدرسين. ومن خلال تعاملى مع هذه الفئة من الطلاب والاقتراب منهم فى مواقف حياتية وتدريسية وجدت منهم شغفاً كبيراً ودافعية للدراسة والبحث أكثر مما نجده من الكثيرين من أبنائنا، حتى غير المسلم تدفعه الأحداث المحلية والعالمية لتعرف حقيقة "الإسلاموفوبيا" وحقيقة رسول الرحمة وتعاليمه ومبادئه، صلى الله عليه وسلم، وحكم الحجاب والنقاب وغيرها من الأمور التى تشغل بال المجتمع المعاصر بهدف الاندماج مع مكونات هذه الثقافة وتكوين تصور صحيح عنها. ولكن وجدت أيضاً من يقترب منهم ويتودد إليهم بدعوى التعرف عليهم ورعاية شئونهم فى بلد غريب عنهم، ثم دفعهم لبعض الكتابات والآراء البعيدة عن صحيح الدين وعقد لقاءات وندوات ودعمهم مادياً ومعنوياً. للأسف هؤلاء ظنوا أنهم كلما ازدادوا تشدداً كان إيمانهم أقوى، فلم تهذب أفكارهم مقولته صلى الله عليه وسلم "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، وهم فى حقيقة الأمر يخالفونه، منهجاً وفكراً وإنسانية، فكان النتاج لهذه الآراء مجتمعات مشتتة ومستجدات عصرية تنشد ضوابط تشريعية، فعمت الفوضى وتهيأت عقول لأفكار تنشد اهتزاز ثقة المسلمين فى مرجعياتنا الدينية وعلمائنا الأجلاء بدعوى أنهم علماء سلطة. هنا يبرز دور الفتوى كآلية فعالة للحد من الخصومات والنزاعات، بجانب دورها الوقائى للحد من تلك الآراء الشاذة عن صحيح الدين، فكم من فتاوى ضلت وأضلت وتركت نزاعات لا حل لها . ومن هذه المسئولية غير مؤسسة علمية متخصصة تحملت منذ إنشائها فى عام 1895م دوراً بارزاً فى بحث وتقصى الأمور البحثية الفقهية ألا وهى"دار الإفتاء المصرية"، وفى داخل مقرها توجد "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم"، فخلقت بذلك جسراً متيناً للتواصل بين المسلمين فى أرجاء المعمورة. ومع اقتراب المؤتمر العالمى لدار الإفتاء تبرز بعض المطالب لهؤلاء الطلاب الذين آثروا المكان والحضارة بعد ما ألِفوا اللغة وأهلها، فتغير مسار حياتهم وأصبحوا فى بلادهم بهوية وروح مصرية إلى جانب هويتهم. أليس من باب القيام بدور الفتوى الصحيح والمؤثر أن نجعل ضمن توصيات المؤتمر حفظ حقوق الوافدين؟ أليس من حقهم علينا أن نرعاهم ونبين لهم صحيح الدين، ومن هو نبى الرحمة؟ اجعلوا من فتاويكم آلية لتكيف هؤلاء الطلاب مع مجتمعات عربية مختلفة فى عاداتها وتقاليدها للعيش معاً فى سلام. وجهوا فتواكم لمن قصدوا بلادنا فلا تتركوا أسماعهم لتأويل الجهلاء المنافقين. اجعلوا من فتاويكم حصناً لهم من تجار الدين. قربوهم من علماء أفنوا حياتهم بحثاً فى لغة القرآن. هنا.. سيكون للفتوى دورها الوقائى الفعال لحماية هؤلاء قبل الوقوع فى براثن التطرف والتعصب، حينها سيعودون إلى بلادهم بفكر وسطى مستنير ومعه انطباعات إيجابية عن هذا البلد وعن مؤسسة فقهيــة عريقة معطاءة لم تنس أن تكرمهم كضيف غريب كما عهدناكم فى رحابة الأفق وسماحة الطبع.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;