داليا مجدى عبد الغنى تكتب: سؤال بلا إجابة

فى أحد الأيام سألنى أحد الأشخاص سُؤالاً، وأعترف أننى عجزت عن الرد عليه، حتى الفلسفة لم تُسعفنى فى الإجابة، وكان السؤال كالآتى، بصفتك روائية وكاتبة، لماذا يميل الناس إلى المأساة فى قراءاتهم، رغم أن الإنسان لا بد أن يبحث عن السعادة والمرح، بحكم أنه يعيش فى مشاكل مُتلاحقة؟ والحقيقة أننى ابتسمت، وقلت بسخرية لكى أهرب من السؤال: ربما لأن الناس تعشق النكد بطبيعتها، ثم ضحكتْ وصمت، ولكن ظل السؤال يتردد بداخلى، لاسيما وأننى فكرت فى أن كل الأعمال الروائية والأدبية والدرامية الخالدة، كانت مبنية على المأساة، فمن منا لا يعرف الرواية العالمية الخالدة "غادة الكاميليـا" للكاتب الفرنسى "أليكسندر ديماس"، ورغم أنها بُنيت على أساس قصة حب رُومانسية، ولكنها مستحيلة؛ بسبب رفض المجتمع ارتباط ابن الأصول والباشوات من الغانية، ووقوفهم أمام هذا الحب، حتى بعد إعلان توبتها، ورغم أنها أصرت على هذا الطريق، حتى أنها ماتت؛ بسبب حرمانها من حبيبها، وظل هو يبكيها حتى آخر العمر. فهذه الرواية تُرجمت إلى عدة لغات، وتحولت إلى عشرات الأعمال الدرامية والمسرحية فى جميع أنحاء العالم، رغم مرور القرون على كتابتها، حتى فى مصر، تحولت إلى أكثر من فيلم سينمائى، منهم فيلم لـ"ليلى مراد"، وفيلم آخر لـ"فريد الأطرش" وكذلك "حسين فهمى"، و"نجلاء فتحى"، وغيرهم، وظلت خالدة فى قُلوب العشاق والمراهقين، لدرجة أننى أذكر عندما قرأتها، كان عمرى حوالى ثلاثة عشر عامًا، وظللت أبكى على مصير البطلة، وتأثرت بها بشدة. فهل كل هذا النجاح كان سببه أنها بُنيت على مأساة، وغيرها من الأعمال، سواء على المستوى الروائى أو الدرامى، أو حتى الطرب، فأغلب الأغانى التى تجد صدى لدى الناس، وتمسهم تكون حزينة، وكل هذا يُثير فضولى لماذا نحن نميل إلى الحزن، وأنا على المستوى الشخصى أعترف أن رواياتى يكون بها مسحة حزن، وإن كنت أحاول جاهدةً أن أُصيغها فى قالب فلسفى تشويقى إلا أنها فى الواقع تلقى النجاح؛ بسبب إحساس القُرَّاء بهذه المسحة الحزينة. فتُرى لو تفكرنا قليلاً سنُدرك أن الإنسان ما هو إلا تحليل دقيق لمعانى القرآن الكريم (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى كَبَدٍ)، فهل نحن بداخلنا الحزن لاإراديًا، ومهما حاولنا الهروب منه، فهو محفور بداخلنا، أم أننا نُحب الأعمال المأساوية؛ لأنها تُترجم أحاسيسنا الدقيقة، التى كثيرًا ما نفشل فى التعبير عنها، أعتقد أنه لا يمكن إيجاد إجابة شافية على ذلك السؤال. وفى النهاية سيبقى السؤال بلا إجابة، وستبقى المأساة هى سر نجاح الأعمال على مر الزمان.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;