القارئ أحمد اليمنى يكتب : نعمة الحرمان

لا تتعجب من العبارة .. فليس العطاء وحده بالنعمة .. بل الحرمان أيضاً نعمة ولكن لا يفهمها إلا العقلاء، ولا يعرفها إلا الموقنون، ولا يشكر لها إلا الحامدون. خبر يطالعنا به خبراء التغذية الآن وبعد غياب طال للتصريح به فيما مفاده: إن الدم فى الجسم بطبيعته يميل إلى القاعدية، وهذا الوسط القاعدى هو الوسط الصحى الذى جٌبل عليه الجسم، والذى لا تنمو فيه الأورام السرطانية، وكذا المشاكل الصحية الأخرى .. وللمتخصصين فى ذلك تفصيل. ولكن الدم قد يتغير من الميل إلى القلوية (ph7.4) إلى الميل للحامضية، إذا ما ظهرت النعمة على الإنسان وتغير نظام غذائه من الاعتماد على الخضراوات والفواكه إلى الاعتماد على اللحوم والمياه الغازية، وهذا الوسط الحامضى للدم هو البيئة المثالية لنمو الأورام السرطانية والفيروسات والمشاكل الصحية الأخرى، فالقاعدة إذن هى : "كل ما هو حامضى ممرض" !! ألا يمكن أن نستنبط من تكرار ورود الفاكهة فى القرآن الكريم التى ناهزت الثلاثين مرة، مقارنه باللحوم التى ناهزت الأربع مرات فقط شيئا يٌعيننا على فهم قضيتنا هذه؟؟ ألا يمكن أن نستنبط من أن ماء زمزم المبارك تكون فيه (ph 8) وما فى هذا من كلام يطول الحديث فيه ، وليس هذا مجاله. ليسأل أحدنا من هم أكبر منه عمرأً: كم متوسط عدد وجبات البروتين الحيوانى التى يناولها الإنسان المتوسط فى العقود السابقة؟ الإجابة تتراوح من مرتين إلى ثلاث مرات فى الأسبوع. وليتابع بالسؤال: ما معدل زيارة الطبيب للشخص المتوسط فى العام؟ الإجابة صادمة!! فعصرنا الآن يمكن أن يُطلق عليه "عصر المرض" مقارنة بما سبق، إذن الفقر نعمة، والحرمان نعمة لا يقلان عن الغنى والعطاء، ولكلٌ مميزاته وعيوبه، وأيضاً فى كلٌ فتنه.. حفظنا الله جميعاً من الفتن ما ظهر منها وما بطن. خبر آخر يُطالعنا به علماء النفس فيما مفاده: إن النفس البشرية السوية جٌبلت على القصد فى الامتلاك .. لا على الكمال فى الامتلاك .. أعنى: أن الإنسان يعيش فى حالة نفسية سوية خالية من الأمراض النفسية فى حالة الحرمان ، وتبدأ الأمراض النفسية تتشكل مع كمال النعم ، والمثل فى ذلك واضح يعلمه الجميع، فأكثر نسبة حالات انتحار ناتج عن أمراض نفسية موجودة فى أترف البلدان – سويسرا على سبيل المثال- والتى تصنف كأفضل مستوى معيشه للفرد. ومن ثًم، فقد ظهر أسلوب علاج جديد فى الحالات النفسية يُسمى "العلاج بالحرمان" و"العلاج بالشقاء"!! لا تتعجب، فكلما كان الإنسان كادا فى عمله ، يداه خشنة ، جسمه يصبب عرقا ، كان أبعد ما يكون عن الأمراض النفسية، إذن الحرمان نعمة والكد فى العيش نعمة ، ويكفينا ما جاء فى الطبرانى فى الأوسط عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه وأرضاه : "إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الوضوء ولا الحج ولا العمرة قيل فما يكفرها يا رسول الله قال الهموم فى طلب المعيشة". حفظنا الله تعالى جميعا من الأمراض النفسية والبدنية، وعافى الله مرضانا جميعاً إنه على كل شيي قدير. أكتب هذا لأقول لنفسى كم من الترف والجحود بالنعمة أعيش أنا فيه، أكتب هذا سائلا الله عز وجل أن يخرجنى وإياكم من كل ما لا يرضاه، وأن يدخلنا برحمته فى عباده الصالحين. أكتب هذا لا لأقول "ربما منعك ليعطيك!!" بل لأقول "إنه منعك ليعطيك" فأمر المؤمن كله خير، اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;