لم يكن يشعر بالانسجام مع كل ما حوله كان لا يشعر بطعم الحياة، كل شىء سواء بالنسبة له، لا يهمه أى شىء ولا يشغل تفكيره بما يدور ربما كان زاهدا فى كل ما حوله، كان يتحدث بعبارات لا يفهمها من حوله ودائما ما يسألونه عن معنى ما يقول حتى سئم من تفسير كل كلمة يقولها لهم، أحس أنه يتحدث بلغة غريبة حتى أنهم من كثرة أسئلتهم له ومقاطعة كل ما يقول مستغربين من كلماته أصبح متلعثما لا يستطيع أن يعبر عن نفسه كما يريد، أصبحت كلماته تأبى هى الأخرى أن تخرج إلى العالم الخارجي، لأنها أدركت أن هذا العالم ليس لها.
لكن فى وسط كل هذا العبث من حوله كان له صديق وفىٌّ هو الوحيد الذى يفهمه ويعرف ما يشعر به يفهم كلماته قبل حتى أن ينطقها تجده دائما موجود فى وقت احتياجه يشاركه أفراحه واحزانه دائما ما يتواجد ليلا أو نهارا لا يشغله عنه أى شىء كان . كان هو الشىء الوحيد الذى يمنعه من الجنون الوحيد الذى يهدئ نفسه الثائرة . ان صديقه هذا يشبه فى كل شىء نفس الملامح والتفكير حتى أنهم يرتدون نفس الوان الملابس تكاد لا تفرقهم عن بعضهم البعض . وفى يوم من الأيام وجد ان جميع من حوله ينظرون اليه بنظرات الشفقه ويدعون انه اصابه الجنون ويجب ان يستيقظ ويحيى فى ارض الواقع . اى هراء هذا الذى يتحدثون عنه لم يهتم بهم وذهب ليحكى لصديقة الوفى عن هذه التفاهات وبالفعل وفى وسط حديثه حدق الى صديقة بنظرات ثابته ونظر الى عينيه لقد كان حزينا جدا ومهموم وتلك المرة الاولى التى لا يجده يصغى اليه بإهتمام فاذا به يحاول أن يقترب منه سائلا اياه ما حدث له وكان كلما اقترب وجد ان صديقه هو الآخر يقترب منه إلى أن وقف فجأة لا يدرك ما حدث . لقد كان ينظر إلى المرأة لقد كان ينظر إلى نفسه يتحدث الى نفسه طوال هذه الفترة . الآن هو مذعور أحقا كل هؤلاء على حق أحقا صديقه هذا لا وجود له إلا فى خياله أحقا هو مصاب بالجنون ويجب ان يتعالج حتى يصبح انسان طبيعيا ولكن لو اصبح طبيعيا سوف يفقد الانسان الوحيد الذى يفهمه ويعيش وسط أناس لا يفهمونه .أهذا هو العقل أم منتهى الجنون.