مجدى غريب يكتب: "وارين بافيت" العربى!

وارين بافيت، رجل أعمال امريكى تربع لسنوات على عرش أغنى أغنياء العالم، بحسب تصنيف مجلة "فوربس الأمريكية"، أدهش العالم بثرائه الفاحش وأدهشه أكثر حين تبرع فى يونيو من عام 2006 بالنصيب الأكبر من ثروته الذى يتجاوز الثلاثين مليار دولار وهو أكبر تبرع للأعمال الخيرية فى التاريخ المعاصر لدعم الابحاث الطبية ومساعدة الفقراء والمرضى، فضلا عن تشجيع التعليم والتربية فى البلدان الفقيرة.

وارين بافيت يُثبت بما لا يدع مجال للشك، النموذج المثالى لرجل الأعمال العصامى الذن بنى ثروته عبر جهدٍ وكد وإعمال للعقل والإحساس بقية العمل خلافاً للنموذج الشائع لرجل الأعمال العربى الذى بنى ثروته عبر أساليب ملتوية من استغلال النفوذ والتقرب من السلطة الحاكمة والسفه فى تبذير الثروة فضلاً عن فشلٍ ذريع فى التعامل النفسى والسيكولوجى معها! حملت لنا الأخبار منذ أيام، تبرع الشيخ سليمان الراجحى بجُل ثروته للأعمال الخيرية وهو الذى قضى عمره الذى تجاوز الثمانين من عمره فى جمعها. يدهشنا الشيخ سليمان بفعلته هذه فى وقت عز فيه فعل الخير ويصدمنا للدرجة التى تجعلنا مرددين قول الحبيب المصطفى محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم: "الخير فِى وفى أمتى"! نشأ الشيخ سليمان الراجحى فقيراً مُعدماً، وعمل كحمال وطباخ وقهوجى وصبى يعمل بالصرافة، وبخطى واثقة ارتقى الشيخ للعمل فى إدارة أعمال الصرافة والتجارة فى العقار، واليوم يُعد مصرف الراجحى أحد أكبر البنوك فى العالم العربى والإسلامى ويعتبر بحق أحد ركائر العمل المصرفى فى القطاع الخاص فى المملكة العربية السعودية.

اشتهر الشيخ سليمان بأعمال الخير منذ نعومة أظافره، وآمن الشيخ بأن الثلث من ثروته –و قد تجاوزت السبعة مليارات دولار- لأبنائه وأحفاده والثلثين للأعمال الخيرية، ويؤمن الشيخ بوصوله لمرحلة الصفر مرتين، "إلا أن هذه المرة تجى بمحض إرادته" كما يقول! لا شىء يضارع حب الشيخ لجمع المال، سوى حبه فى إنفاقه فى الخير، ولا شىء يوازى حبه لأبنائه وعائلته سوى حبه للفقراء والعمل من أجلهم، ويحسب للشيخ تغييره الصورة النمطية لرجل الأعمال العربى عند عامة الناس فى وقت فقدنا فيه الأمل فى رجال الأعمال ومسئوليتهم الاجتماعية نحو المجتمع! قليلون هم من يختارون -بمحض إرادتهم- العودة كما ولدتهم أمهاتهم، فقراء معدمين، فى عمل نادر من الصعب أن يتكرر كل يوم.

فى الغرب، وارين بافيت وفى عالمنا العربى وارين بافيت آخر! حيا الله الشيخ سليمان، وأطال الله فى عمره وجزاه الله عما قدم خير الجزاء!