لواء طيار متقاعد محمد كشك يكتب: دبى وإدارة أزمة

متابعة ومشاهدة الألعاب النارية ليلة رأس السنة لها متعة خاصة، خصوصا لو شاهدتها فى دبى، حيث تقام أكثر من ساحة لإطلاق الألعاب النارية فى معظم الأماكن السياحية الشهيرة بالمدينة، لكن تظل ساحة برج خليفة هى الأكثر روعة والأكثر ازدحاما، حتى إنها سجلت العام الماضى رقمًا جديدًا فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية للألعاب النارية على مستوى العالم، مما جعل مشاهدة الألعاب النارية فى دبى مقصدًا لكثير من السياح خلال إجازة رأس السنة الميلادية...

بالأمس القريب وقبل اللحظات الأخيرة لبدء جولة جديدة للألعاب النارية ليلة رأس السنة لعام 2016 فى دبى حدث ما لم يتوقعه أحد إذ امتدت النيران سريعا على واجهة أحد أكبر وأشهر وأفخم فنادق دبى، والذى يتواجد فى نفس دائرة برج خليفة – البرج الأكثر ارتفاعا فى العالم بأسره – والدائرة التى تعد من أكثر مناطق العالم ازدحاما ليلة رأس السنة.. وأسقط فى يد المسئولين: هل يتم التفرغ لإطفاء الحريق وإلغاء الاحتفالات بليلة رأس السنة والتى جاء من أجلها آلاف السياح من كل بقاع الأرض؟؟ أم يتم العمل المتوازى ويتم مكافحة الحريق جنبا إلى جنب مع التقيد بنفس جداول الاحتفالات كما خطط لها من قبل؟ ولقد كان من الطبيعى أن يختار من بيدهم الأمر – ولهم كل العذر – الخيار الأول، أو إذا أردنا التحديد الخيار الأسلم، إلا أن من انتقل بدبى فى تلك الفترة الزمنية البسيطة لتصبح من أكثر مدن العالم تحضرا ماكان ليضيع من يديه تلك الفرصة ليثبت للعالم أن مدينته ليست فقط غلالة خارجية من المكياج، بل هى مدرسة للعالم فى إدارة الأزمات. ولقد كان له ما أراد، حتى إن العالم بات ليلة رأس السنة يرى فى دائرة واحدة حول برج خليفة احتفالات للألعاب النارية بهرت ضيوف الإمارات وسياحها، ويرى على الطرف الآخر من نفس الدائرة بيانًا عمليًا على مدار ليلة كاملة حول كيفية مكافحه حريق فى مبنى يصل عدد طوابقه أكثر من 65 طابقًا، وإخلاء أكثر من 3000 نزيل وتدبير أماكن بديلة لهم فى باقى فنادق المدينة، لتخرج دبى فى النهاية بصورة إيجابية تضاف إلى صورتها أمام العالم، مع حصيلة إصابات لا تتعدى 16 إصابة بسيطة دون أى ضحايا فى الأرواح.... حتى إن الشيخ محمد بن راشد حاكم دبى توجه بحديثه إلى مواطنيه وضيوف دولته قائلا: ... بكم ومعكم كانت دبى أمس عنوانا للمدينة الحضارية" ...........................

ما يهمنى فى الموضوع فى النهاية هو استخلاص الدروس المستفادة وهى كثيرة، لكن أبرزها بالنسبة لى هو دور الإعلام الإماراتى فى الأزمة، والذى اصطف جميعا خلف حاكم الإمارة، فلم نجد من بينهم معتادى الصيد فى الماء العكر، أولئك الذين يجدون فى مثل تلك الأمور فرصة للنواح والتحسر، ولم نسمع منهم من – على أقل تقدير – يوجه اللوم للحكومة التى استمرت فى احتفالاتها كما خطط لها غير عابئة بمشاعر الضيوف من السياح النزلاء والمصابين.

تلك كانت دبى وأزمتها .... نتركها فى أمان الله وندلف منها سريعا إلى مصرنا الغالية: إن الأيدى المرتعشة والتى تميزت بها قرارات حكوماتنا التى توالت علينا منذ ثورة 25 يناير، كان الاعلام المصرى هو السبب الأساسى فيها، حتى إن مسئولينا باتوا عاجزين عن اتخاذ القرارات، حتى لو تيقنوا تماما أنها صائبة وتخدم أغراض الدولة، وكيف لهم ذلك وهم يعلمون أن هناك دائما الجاهز للمعارضة والمتربص بالأحداث والمستعد دوما لتغيير قتاعاته، من أجل أن يظل دائما فى كادر الأحداث، ورغم أننا تعلمنا فى مؤسستنا العسكرية أنه لا يوجد قرار خاطئ أو قرار سليم، بل يوجد قرار له مبرراته، إلا أن إعلامنا دأب منذ اندلاع الثورة على الاحتفاظ بمجموعة من الرايات ليناور بها وفقا للأحداث، فمن راية تنادى بحقوق الإنسان، إلى أخرى تنادى بحقوق الفقراء، إلى راية مراعاة مشاعر المصابين، ثم راية الحفاظ على الدستور ثم ... ثم ... ثم .... فى قائمة لانهائية من الرايات.

إن الدول لا يمكنها تحقيق أهدافها فى ظل مناخ إعلامى يعلى مصلحته الشخصية أو مصالح من يمولونه على الصالح العام، وفى ظل إعلام لا يعى أنه فى كثير من الأحيان تملى المصلحة العامة للدولة أن يزال الضرر الأكبر بضرر أصغر منه، وأن إزالة الضرر مقدم على جلب المنفعة وأن الضرورات قد تبيح المحظورات، وأن من يحدد ذلك هم أولى الأمر، وليس حاملى الميكروفونات وإلا فليسترح أولى الأمر فى بيوتهم ونترك الإعلام ورموزه ليجربوا فينا وصفاتهم لعلهم أن أضاعونا إلى رشدهم يثوبون.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;