القارئ محمد محمود عبد الكريم يكتب: المرأة فى التاريخ الإنسانى ولباسها سبب للتحرش

لنعود الى ما يزيد عن ستة الاف عام قبل الميلاد الى دين النيولت (دين الفلاحين) فمنذ فجر التاريخ عبد الإنسان الصياد بعض الحيوانات التى اعتمد عليها فى سد جوعه واعتبرها رمزا للآلهة، ولكن ومع اكتشاف الإنسان للزراعة بدأت التجمعات وزراعة الحبوب وتربية الحيوانات، وقد كان هذا التغير هو شرارة التحول للفكر الدينى، فكما قال الفيلسوف راسل "الحضارة يصنعها الفراغ"، بدأ الإنسان يفكر فى أصل الحياة ونتيجة جهل الذكر لدوره فى عملية الإنجاب فقد ظهر ما تسميه بعض كتب الميثولوجيا عصر عبادة الآلهة الأنثى فبدأ تقديس الأنثى كرمز لمنشأ الحياة والخصب وكانت تمثل الارض منبت الخير وقد ظلت الانثى على عرش القداسة ما يقرب من ثلاثة آلاف عام. ظلت الأنثى محور القداسة حتى قيام الحضارات القديمة واستمرت تلك الرموز تتطور فى أشكالها ومسمياتها، لكن ومع ازدياد نمو الحضارات المختلفة والتنافس على القوة والنفوذ والموارد هذا فى رأيى الذى أدى إلى تراجع أهمية المرأة، وبدأ يتصدر الرجل ليس فقط فى ساحات المعارك بل أيضا فى ساحات المعابد والحكم، ومع بدايات الحروب بدأت مفاهيم الغنائم والجوارى وبدء عصر اضمحلال لمفهوم المرأة. وعلى خطى التطور الدينى للشرائع الإبراهيمية المتتالية تتابع تطور النظرة إلى المرأة وإعادة بعض حقوقها الغائبة، واسمحوا لى أن أتطرق إلى القضية التى شغلت الرأى العام هذه الأيام وهى التحرش والزعم بأن أهم أو أحد العوامل هو لباس المرأة، فإذا كان لباس المرأة فعلا هو الحل لنهاية هذه الظاهرة المجتمعية لما كانت مثل هذه الظاهرة متواجدة فى عصر النبوة عود إلى سبب نزول الآية الكريمة فى سورة الاحزاب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} ستجد أن نساء العرب كن يخرجن ليلا لقضاء الحاجة فكان الشباب أو فساق المدينة يتعرضون للنساء، فجاء الأمر فى الآية بأن تغطى الحرائر وجهها وبالطبع أخذت هذه الآية فى العديد من المناقاشات للاستدلال على وجوب النقاب وغفل المدعى عن الغرض من تغطية الوجه المأمور بها، فالآية تقول (ذلك أدنى أن يعرفن) أى تغطية الوجه هذا أدعى أن تعرف المرأة أنها حرة وليست أمة أو جارية فيخيف هذا المعتدى أن يتعرض لها. هذا يدل على الفهم الإلهى لأسباب هذه الظاهرة، فلو كان الحل هو اللباس كما يدعى بعض المتدينين لأمر الحرة والجارية بذات الأمر، وإنما أمر الحرة فقط لتظهر العلامة ويخيف ذلك المعتدى بأن الحجة التى كان يعتمد عليها ليفلت من العقوبة بأنه تعرض لها لاعتقاده أنها جارية قد زال بتلك العلامة وهيا تغطية الوجه، وأعتقد أن الصراع المستمر بين التيارات الأصولية التى تحاول العودة بعجلة التاريخ والتيارات الحداثية التى تحاول مجاراة التاريخ والتناغم مع الصيرورة التطورية الدائمة هو الذى يولد الأفكار الجديدة، ويجعل عجلة التطور التاريخى ذات سرعة يستطيع فيها الانسان أن ينمو دون أن يفقد ذاته ولا معنى حياته، فمن وجهة نظرى أن هذا الصراع الأزلى ليس بالسوء الذى يصورة البعض فلم نخلق لنتفق ولكن نستطيع أن نتناقش وأن نتعايش وأن ننمو ونتسامح مع الآخرين.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;