هبة عبد المنعم محمد تكتب: الفوضى فى المدارس تهدد التعليم المصرى

أدعوك عزيزى القارئ لجولة معى فى إحدى المدارس الحكومية وخاصة الإعدادية والثانوية، وبالأخص مدارس البنين........

من بداية وصولنا إلى المدرسة فى بداية اليوم الدراسى سنجد مجموعة من الطلاب يتجمعون أمام باب المدرسة، بعضهم يتعارك......البعض الآخر يدخنون السجائر......وستجد مقاهى الإنترنيت والألعاب المنتشرة حول هذة المدرسة متكدسة بهؤلاء الطلاب.........

دعنا الآن ندخل إلى المدرسة لنلقى نظرة عما يحدث......

ستجد طابورا، وهذا فى حد ذاته من الإيجابيات، لأن هناك بعض المدارس لا تقيم للطابور وزنا، ولكن ما شكل هذا الطابور؟ أولا الطلاب غالبا يقفون مع أصدقائهم وليس مع فصولهم، ثانيا الجميع فى أرض الطابور بلا استثناء يتكلمون......طلابا ومدرسون، ومن الممكن أن تجد أثناء ذلك مدرس الألعاب يدير الطابور، وأحد المدرسين يدير الإذاعة المدرسية، لكن لا أحد يسمع ما يقولون على الإطلاق! وباب المدرسة مفتوح للجميع......الطلاب يدخلون ويخرجون متى شاءوا! أتذكر ذات يوم أن قال لى أحد الطلاب، عندما طلبت منة نشاطا معينا عليه أن يسلمه خلال هذا اليوم "أنا فاضى لحد الحصة الثالثة، وبعد كدة أنا خارج علشان ورايا مواعيد" وينتهى الطابور خلال دقائق معدودة، فيندفع الطلاب على سلالم المدرسة بهمجية بالغة، والطلاب الضعفاء يقعون على السلالم وتهرسهم أرجل بقية الطلاب، ومدرسون الحصة الأولى لا يذهبون إلى الفصول حتى ينتهى الطلاب جميعا من الصعود إلى فصولهم، مع أنه من المفروض أن يصعد كل مدرس بفصله بنظام حتى لا يتعرض أحد لأى أذى وتجنبا للفوضى.

تعال معى أيها القارىء العزيز ندخل أحد الفصول، من الوهلة الأولى ستخرج على الفور خوفا على نفسك من هؤلاء الطلاب! فستجد الطلاب يضربون بعضهم البعض بالمقاعد والمساند، وطالبا آخر يقف على أحد المقاعد ليحاول ثنى مروحة السقف بكل عنف الدنيا كأن بينها وبينه تارا قديما! وطالب أخر يحاول فك زجاج وألوميتال شبابيك الفصل، لا تعلم لماذا! والطلاب الهادئون الذين يجلسون فى أماكنهم، تجد البعض منهم يمسك مفكا يحاول خلع مسامير المقاعد، ولو فكر أحدهم أن يكون مجتهدا ويحاول المذاكرة، فسيجد مضايقات لا حصر لها، منها أن الكتاب الذى سيمسكة سيتمزق مثلا، أو أن يتحرشون بة مثل أن يلقوا علية بالقمامة ويضربونة ويسرقون أدواته.

وبقية الفصل يتعاونون معا من أجل جعل حوائط الفصل لوحة فنية مبدعة.......شخبطة وكتابة أساميهم وأسامى الشهرة الخاصة بهم، ولا بأس بكتابة أرقام تليفوناتهم، أو يكتبون رسائل على الحوائط لبنات الفترة الصباحية! وبعد فترة يدخل المدرس، إذا كان ذو شخصية قوية، فستجدة يمسك عصا غليظة أو أى شىء يتم الضرب بة ويسبب ألما، ويقوم بضرب الفصل كلة بلا استثناء، أنت بالطبع ستستهجن هذا التصرف للمعلم وترفضة، ولكنك عندما ترى أن الطلاب بعد أن يتم ضربهم يضحكون، فمن الممكن أن تطلب من المدرس أن يعيد ضرب الفصل كلة مرة ثانية! وإذا كان المدرس ضعيف الشخصية، ولا يحبذ الضرب، أو أنه يخاف من هؤلاء الطلاب ويحمل عصا للتهويش فقط، ففور دخوله، ممكن أن يصرخ فى الطلاب لكى يسكتوا، لكن الطلاب ينظروا لة ويضحكون، ثم يواصل كل طالب مايفعلة! وسرعان ما تنتهى الحصة دون أدنى إفادة تذكر! وينتهى اليوم الدراسى كلة على هذا المنوال! ناهيك عن أن عدد الطلاب فى الفصول أصبح يتجاوز المائة الآن، فحتى لو شرح المدرس، فسيفهم منة البعض فى المقاعد الأولى، وسيعيش بقية الفصل فى واد آخر......

وغالبية المدارس لا توفر حجرات لحصص الأنشطة، لذا فعلى مدرس النشاط أن يعطى نشاطة فى الفصل، فكيف سيقسم هذا العدد الكبير من الطلاب فى الفصل إلى مجموعات عمل لتوزيع مهام النشاط عليهم؟ بالتأكيد ستعم الفوضى.

وما أن تبدأ الفسحة، حتى يسود الهرج والمرج فى فناء المدرسة وأدوار المبانى، من إلقاء القمامة فى كل مكان، وإلقاء الماء على بعضهم البعض، من شراءهم كل السلع المليئة بالمواد الحافظة والتى يبيعونها فى المدرسة دون أدنى رقابة من أحد، وبعض المدرسين يرسلون الطلاب خارج المدرسة ليشترون لهم طعاما، مع أن الطالب فور دخوله إلى المدرسة وحتى خروجة منها هو مسئولية المدرسة فى المقام الأول والأخير، والكل يعلم تلك الحقيقة جيدا، لكن لا أحد يبالى، لا سيما أنك ممكن أن تجد أن مدير المدرسة نفسه يرسل الطالب ليشترى له ما يريد خارج المدرسة! وبعد انتهاء الفسحة، أريدك أن تلقى نظرة على فناء المدرسة، الذى تحول إلى إحدى ساحات القمامة، بالكاد تستطيع رؤية أرض فناء المدرسة! كما أن الطلاب فى الفصول ستجد عددهم تناقص بطريقة ملحوظة! أين ذهب بقية الطلاب بعد الفسحة؟ البعض هرب من فوق أسوار المدرسة، والبعض إستطاع أن يتسلل خارجا من باب المدرسة، والبعض الأخر فى فصول أخرى مع أصدقائة يلعبون ويدردشون ويخربون سويا.........

أعتقد أن ذلك كلة الذى شاهدته عزيزى القارئ معى فى هذه المدرسة كافيا للغاية....

ستقول لى وأين المسئولون عن التعليم؟ سأرد عليك بأن المسرحية القديمة مازالت تعمل حتى الآن، المسئول سيزور المدرسة، فينقلب حال المدرسة رأسا على عقب، ويراها مدرسة نموذجية، فيكتب تقريرآ رائعآ، وبذلك انتهت مهمته، وليس من المستبعد أن تجد تلك المدرسة تحوز على جائزة أفضل مدرسة فى المحافظة مثلا! أليس هناك حلول؟ سأقول لك، لابد أن يكون العاملون فى المدرسة يخافون على المدرسة حقآ كما يخافون على بيوتهم، ويعتبرون هؤلاء الطلاب حقآ مثل أولادهم، فلو كل شخص شعر بأنة أدى واجبة على أكمل وجة، وذهب إلى بيته وضميره مرتاح، فستتغير الأوضاع كثيرا..

كما أن العقاب ليس بالضرب، فهؤلاء الطلاب يمارسون العنف فى الفصول وخارج الفصول، وضرب المدرس لهم يذيدهم عنفآ، لذا فإن من أفضل الحلول أن يصاحب المدرس طلابة، ويجعلهم يسمعونة لأنهم يحبونه ويقدرونه حقا، ويشرح فى الفصل كما يشرح فى الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية، فالذى يجعل هؤلاء الطلاب لا يسمعون ما يقوله المدرس داخل الفصل هو اعتمادهم على الدروس الخصوصية والملازم ومختصرات المنهج، فى هجر كامل لكتاب المدرسة، الذى أصبح لا يفتحه طالب، لأنه ملىء بالحشو وغير منظم، ولا يشجع الطلاب على المذاكرة منة على الإطلاق.

لذا فنحن نرى معآ إنها مسئولية جماعية، فعلى أولياء الأمور فى المنازل أن يراقبون أبنائهم ويحسنون تربيتهم، وعلى المدرس فى المدرسة أن يكون حريصآ على عملة وطلابة، وعلى المسئولين عن التعليم التحرى الدقيق عن المشكلات التى تعانى منها المدارس والعمل على حلها حلولآ جذرية، وتغيير الكتاب المدرسى بشكل يفهمة الطلاب ولا يملونة، وأيضآ زيادة الميزانية المخصصة للتعليم حتى يقل هذا التكدس فى الفصول، فيستطيع جميع الطلاب فهم ما يقوله المدرس.........

إذا نظرنا إلى هذا الموضوع نظرة أكثر جدية........سنستطيع معا مواجهة هذه الفوضى، وينهض تعليمنا المصرى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;