محمد محمود حبيب يكتب: الكائنات الفضائية والرؤية الشرعية

لقد لفت انتباهى اجتماع رئيس أمريكا السيد أوباما مع نظيره الروسى للتباحث فى شأن التصدى لهجوم الكائنات الفضائية المحتمل للأرض !! ولفت انتباهى أكثر تشكيك بعض المتدينين لوجود كائنات فضائية بدعوى مخالفة الأمر للدين. وأقول إن الإسلام عقيدة مفتوحة مرنة قابلة لاستقبال طاقات ومقدرات الحياة كلها، ومن ثم فقد هيِّئ الأذهان والقلوب لاستقبال كل ما يتمخض عنه المستقبل، ويتمخض عنه العلم، استقباله بالوجدان الدينى المتفتح المستعد لتلقى كل جديد فى عجائب الخلق والعلم والحياة. إننى لا أعرف ماذا أقول عما يخالج كيانى كله من الروعة والرجفة وأنا أحاول أن أتصور ذلك الحدث العظيم العجيب الخارق فى طبيعته، والخارق فى صورته، والذى يُصر بعض القادة والمتخصصين فى العلم على قرب حدوثه. وقيل إنه أمر يتراءى هنالك بعيدا على أفق عال ومرتقى صاعد، لا تكاد المدارك تتملاه. إنه هجوم الكائنات الفضائية على كوكبنا " الأرض " وليس معنى احترام الرأى القائل باحتمالية وجود أو هجوم الكائنات الفضائية للأرض هو التسليم بكل خرافة، والجرى وراء كل أسطورة.. إنما الأسلم والأحوط أن يقف العقل الإنسانى أمام هذه المجاهيل موقفاً مرناً.. لا ينفى على الإطلاق ولا يثبت على الإطلاق، حتى يتمكن بوسائله المتاحة له بعد ارتقاء هذه الوسائل من إدراك ما يعجز الآن عن إدراكه أو يسلّم بأن فى الأمر شيئاً فوق طاقته، ويعرف حدوده، ويحسب للمجهول فى هذا الكون حسابه.. وذلك لأن الإسلام لا يكذّب العلم ولا يصدّقه ولكنه يحترمه، وقد ذكر لنا القرآن الكريم تطور حضارة الجن على حضارة الإنسان فهذا لا يتضارب مع الدين ففى قصة سيدنا سليمان وبلقيس والهدهد تطور حقيقى ومادى للإتصالات لم تعرفه البشرية حتى اليوم حتى أتى بها وبعرشها فى أقل من لمحة بصر..! ومن المعروف أن الكائنات العاقلة المذكورة فى نصوص الوحى ثلاثة: الآدميون، والملائكة، والجن.. ومن الأمور التى ينبغى استحضارها هنا.. أن الجن والملائكة لهم القدرة على التشكل فى شكل صور مختلفة وقد حصل شيء من ذلك لابن مسعود وكعب والد أُبَى.. وكانت يد الجنى الذى لقى كعبًا يدًا تشبه يد الكلب، أو ظهور جبريل عليه السلام فى صورة الصحابى دحية الكلبي، أو ظهور الجن لخازن الصدقة فى صورة إنسان وغيرها مما ورد فى أحاديث صحاح يقف عندها كثير من المثقفين المعاصرين موقف الذهول! ولا يدّعى وجود هذه الكائنات أناس مغمورون فحسب، بل يزعم ذلك رجال بارزون منهم أكتر من رئيس للولايات المتحدة وكذلك للصين، وأكبر علماء الفيزياء والطب!!على مر عقود مضت. ولذا يمكننى طرح عدة أدلة شرعية تتعلق بهذا الأمر وهى: 1- لا مجال للتكذيب بوجود مخلوقات غريبة غير الإنسان، إذ تواترت الرؤية من عشرات الألوف بل مئات الألوف من الأشخاص، وقد ثبت وصح عن النبى عدم تكذيب أو تصديق أهل الكتاب. 2- ولا يستبعد أن تكون هذه الكائنات الفضائية من عالم الجن ولديهم من قدرات وإمكانات تفوق قدرة البشر، ولقد أعطوا سرعة تفوق سرعة الصوت والضوء، كما أعطوا القدرة على التشكل، وهم يستطيعون أن يتمثلوا للإنسان فى صور وأشكال مختلفة. وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أن الجن أنواع.. ومنها نوع يطير.. ومنها أيضًا يمشي، ونوع كلاب وحيات.. وبعضهم كما فى القرآن الكريم يغوصون فى البحر.. وقد أخبرنا الله تعالى أن من الجن من كان يصنع لسليمان عليه السلام تماثيل وقدور راسيات.. قدور كبيرة للطبخ.. وربما أن الجن يلبسون لكل عصر لبوسه، وهذا العصر عصر التقدم العلمي، ولذلك فإنهم يضللون البشر بالطريقة التى تثير انتباههم، وتشد نفوسهم، والناس اليوم يتطلعون إلى معرفة شيء عن الفضاء الواسع، وعن إمكانية وجود مخلوقات غيرهم فيه. 3- اعلم أن الذى خلق الإنسان من عدم وصوره ونفخ فيه من روحه، وأحكم صنع هذا الكون بما فيه من عجائب قادر على إيجاد مخلوقات فضائية، وقد دل القرآن الكريم على وجود مخلوقات ليست معلومة لدى البشرية فى عصر النبوة، ودل كذلك على دور الاكتشافات العلمية، وأن لكل خبر موعداً سيظهر فيه، يقول جل من قائل: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:8}، ويقول: لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ {الأنعام:67}. 4 - وردت فى القرآن آيات تشير إلى وجود دواب فى السماوات والأرض، منها قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ {الشورى:29}، قال بعض العلماء إن لفظ (دابة) يدل على أنها مخلوقات غير الملائكة لأن الله عز وجل فرق بين الدواب والملائكة فى الذكر فى قوله: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {النحل:49}، فذكر دواب السماوات ودواب الأرض ثم أخر ذكر الملائكة. وقد أورد الإمام الطبرى شيخ المفسرين (23/80) وغيره عَنْ قَتَادَةَ، فى قَوْل الله عز وجل: {اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] قَالَ: " خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَسَبْعَ أَرَضِينَ فِى كُلِّ سَمَاءٍ مِنْ سَمَائِهِ، وَأَرْضٍ مِنْ أَرْضِهِ، خَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ وَأَمْرٌ مِنْ أَمْرِهِ، وَقَضَاءٌ مِنْ قَضَائِهِ " وذكر الإمام القرطبى فى تفسيره (1/260) بإسناد صحيح عَنْ أَبِى الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِهِ: { وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } قَالَ: " سَبْعُ أَرْضِينَ فِى كُلِّ أَرْضِ نَبِّى كَنَبِيِّكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمَ، وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى ". وإن كان قول قتادة وابن عباس لا يعنى صراحة أن المقصود به وجود كائنات فضائية، إلا أن ذلك يدخل ضمن تأويلات أقوالهم بصورة عصرية. 5- يجب عدم المبالغة فى أى مخالفة لما يجب اعتقاده فى الشريعة كالقول بأن الكائنات الفضائية هى قوة خارقة أدت إلى وجود البشرية، فإن هذا فى الحقيقة قول باطل مناف لما يجب اعتقاده، ونختم بهدف المقال ومقصده أن الإسلام يقف موقف مرن من العلم يحترمه ولا يكذب كل نظرية علمية تصدر ولايصدقها لأن نتائج التجارب متغيرة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;