أسرار القاهرة بالأبيض والأسود.. وسائل نقل شاهدة على الحركة الاجتماعية فى مصر

شهدت القاهرة ثورة حضارية واسعة من التخطيط والعمارة والاهتمام بالفنون والمتاحف والمكتبات، وذلك ليس وليدا للصدفة، فكان تخطيطا ملحوظا منذ القرن التاسع عشر، ففى ظل هذا التطورالمدروس لقادة الجيوش والحكام فى حرصهم على ظهور القاهرة فى أبهى صورها، فكانت لحركة النقل تطورا ملحوظا بداية من مهنة المكارى (توصيل الزبائن عبر الحمير)، مرورا بالعربات الكارو، والحنطور، حتى وصول التقنيات الميكانيكة للسيارات بداية من السوارس والترام والقطار وصولا للمترو ومنتهيا بالتوكتوك، وضمن سلسلةأسرار القاهرة، نكشف مجريات حركة النقل فى القاهرة على مر العصور. عرفت القاهرة النقل عن طريق الحمير، أن يمطتى الرجل حماره، وإن كان لا يملك حمارا أو لم تتوافر لديه إمكانية تربية الحمار من توفير مسكن ومأكل ومشرب، إلى أن ظهرت مهنة المكارى وهو سائق الحمار، الذى كان يعد وسيلة المواصلات الأساسية بين الناس فى تلك الفترة، مهنة المكارى أوسائق الحمار، كان بمثابة وسيلة المواصلات الأساسية فى شوارع القاهرة. كانت مهنة المكارى ذات أهمية قصوى، حتى أن من ينتمون إليها كانوا منظمين بما يشبه الهيكلة النقابية فيما بينهم، وذلك يدل على كثرتهم وأهميتهم فى الوقت نفسه، وعلى الرغم من انتهاء هذه المهنة تماما، ولكن التاريخ المصرى سيظل محتفظا بها لأسباب منها القصة التى تقول أن الحرب على مصر واحتلالها كان بسبب "مكارى". وظهر ركوب الخيل وانتشاره فى شوارع القاهرة سنة 1894م، حيث يتم الركوب وفقاً لتقاليد ونظم، أول المواكب، موكب تقليد السلطان، تقدم إليه فرس النوبة بسرج ذهب، وكنبوش زركشى، وإذا هم بالركوب يقرأ الفاتحة، وعند وضع رجله فى الركاب يقول "بسم الله الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون"، ويخرج راكباً والأمراء مشاة بين يديه إلى ظاهر الساهرة، حيث يلبس خلعة السلطنة، ثم يدخل من باب الفتوح، أو باب النصر، والوزير بين يديه راكباً فرسه حاملاً عهد السلطان الذى كتبه له الخليفة بسلطنة مصر فوق رأسه. وكان هناك موكب الركوب فى العيدين، ومن شعاراته أن يكون فى عنق فرس السلطان، رقبة، من حرير أصفر، وكانت الغاشية تحمل بين يدى السلطان وهى غاشية سرج محلاة بالذهب، يحملها الركبدار، يرفعها على يديه، يلفتها يميناً وشمالاً، وأمام السلطان أيضاً يركب الجفتاوات، وهما اثنان من موظفى الإسطبل متقاربان فى السن، عليهما قباءان أصفران، وعلى رأسيهما قبعتان مزركشتان وتحتهما خيول يشبهان فرس السلطان، كأنما أعدتا لركوبه، ومن المواكب الأخرى التى يركب فيها السلطان موكب الاسطبل، ومواكب الكرة، وموكب كسر الخليج ووفاء النيل، وموكب دوران المحمل، وموكب الصيد والأسفار. وكان كبار الأمراء يركبون الخيول النفيسة أما أتباعهم فيركبون البغال، كذلك كان أصحاب الوظائف الدينية من القضاة والعلماء يركبون البغال، وإن كان يسمح للمتعممين بركوب الخيل واقتنائها كمظهر من مظاهر احترامهم، أما عامة الناس المسلمين، فيركبون البغال، أما أهل الذمة من نصارى ويهود فكانوا يركبون الحمير، وذلك حسبما ذكر جمال الغيطاتى فى كتابة ملامح القاهرة فى 1000 عام وصناعة الحناطير من الحرف الشعبية التى تتميز بها بلقاس وشربين عن سائر مدن وقرى الدقهلية وهى مهنة متوارثة وتقع الورشة فى طريق فرعى داخل البلد وعن التطورات التى لحقت بهذه الحرفة فهناك العديد منها فمن ناحية الشكل أو الحجم فقد صغر حجم الحنطور لكى يكون أجمل كما تم تزيينه بقطع الفضيات هذا فضلاً عن إضافة الإضاءة الكهربائية للحنطور من الداخل إضافة إلى « الكلاكسات» التى اضيفت جديداً للحناطير،وذلك حسبما ذكر الدكتورمحمد غنيم أستاذ الأنثرو بولوجية فى بحث بعنوان "حرفة صناعة الحناطير وعربات الكارو / دراسة انثروبولوجية فى محافظة الدقهلية" نقلا عن مجلة الثقافة الشعبية رسالة التراث الشعبى من البحرين إلى العالم" اما "السوارس" فقد اشتهرت فى شوارع القاهرة بأواخر القرن التاسع عشر، وكانت عبارة عن عربة يجرها الخيول أو البغال كتطوير طبيعى لاستخدام الحيوانات فى نقل الركاب بشكل فردى، مما دعا مجموعة من الناس إلى التفكير فى استحداث وسيلة نقل تتسعلعدد أكبر من الأفراد وتكون على شكل عربة خشبية تجرها البغال والخيول وسميت "إمنيبوس"،اما اسم سوارس فقد أطلقه الركاب والمواطنون عليها نسبه إلى صاحبها، والذى ينتمى إلى إحدى أشهر العائلات اليهودية فى ذلك الوقت وهى عائلة "سوارس" والتى احتكرت هذا النوع من المشروعات مع عدد قليل من العائلات اليهودية الأخرى التى كانت تعيش بمصر. اما ترام العاصمة، سار لأول مرة فى شوارع القاهرة 1896م من العتبة الخضراء، نقطة الانطلاق حركة وسائل المواصلات آنذاك التى انحصرت فى الحمير وعربات الكارو والعربات التى تجرها الخيول، ترام القاهرة، أو التروماى، هى شبكة خطوط ترامات كهربائية تمتد بين أحياء القاهرة، مصر. بدأ إنشاء ترام القاهرة فى بداية القرن 20، وظل مستخدماً حتى عام 2014، وخاصة فى مناطق مصر الجديدة ومدينة نصر فى شرق القاهرة فى السبعينيات ظهر "التروللى باص" فى شوارع القاهرة لأول مرة فى 1964م وهو وسيلة نقل جماعية صديقة للبيئة لأنه يعتمد على الطاقة الكهربائية فلا دخان ولا عادم وهو يجمع بين الترام والباص، يعمل التروللى باص عن طريق سنجة (وهى سلك كهربائى معلق أعلى الترام أو التروللى باص)، ويشبه الباص لأنه لا يسير على قضبان ثابتة على الأرض، ويسير على عجلات من الكاوتشوك، إلى أن تم إلغاء التروللى باص فى أوائل الثمانينات بعد كثرة أعطاله وتعطيل المرور فى شوارع القاهرة، ولعل أشهرها حادث سقوطه فى نهر النيل بجميع ركّابه. وفى عام1851 تم بناء أقدم محطة سكة حديد فى الشرق الأوسط، وثانى أقدم محطة سكة حديد فى العالم، وبدأ تشغيل محطة سكة حديد مصر عام 1854م والقصة بدأت عندما أراد الخديو عباس القيام بعمل محطة سكة حديد تربط بين القاهرة وإسكندرية، وبالفعل اتفق الخديو مع البريطانى "روبرت ستيفن سن" للبدء فى بناء أول خط حديد مصرى، وأنشئ أول خط سكة حديد بمصر سنة 1856م بين القاهرة والأسكندرية على يد المهندس الإنجليزى "روبرت ستيفنسون" الملقب بأعظم مهندس فى القرن التاسع عشر. وفى عهد الخديو إسماعيل كلف ناظر الجهادية (وزير الدفاع) سنة 1873م بأن يتولى جنود الجيش العمل فى إنشاء خط سكة حديد بين ميدان القلعة (المنشية) وطرة ليربط بين مصنع البارود خلف القلعة ومصنع البنادق بطرة، وبعد إنشاء حمامات حلوان سنة 1874م ولخدمة زوارها أكمل الخديوى إسماعيل الخط من طرة إلى حلوان، فانطلقت أول رحلة للقطار من القلعة إلى حلوان سنة 1877م. فى عام 1879م ألمت بمصر أزمة مالية وعزل الخديو إسماعيل وتولى حكم مصر ابنه الخديو توفيق، فانسحبت الحكومة من مشروعات التنمية بحلوان وهجرت المدينة، وتدهورت حالة القطار وتقلصت رحلاته إلى رحلتان فقط يوميا، وذلك حسبما ذكرمحمد سيد كيلانى فى منشوره ترام القاهرة دراسة تاريخية اجتماعية أدبية بعد استقرار الحالة المالية للبلاد تقرر فى عام 1888م منح امتياز خط حلوان لشركة خاصة مكونة من عدد من الأثرياء هم "موصيري" و"أبناء قطاوي" و"أخوان سوارس" وشركاء آخرين فأسسوا فى سنة 1890م شركة تدير هذا المشروع عرفت باسم "المتروبوليتان وسكة حديد القاهرة- حلوان" برأسمال 120000 جنيه إسترلينى ومنحت الحق بمد خط من طرة إلى باب اللوق وبدأ أول قطار رحلته بالخط المعدل من حلوان إلى باب اللوق فى الأول من نوفمبر سنة 1889م. فى عام 1891م أقر مجلس النظار (الوزراء) منح امتياز لنفس الشركة لمد خط من محطة حلوان إلى النيل مرورا بقصر الخديو توفيق لسهولة وصوله لليخوت الخاصة به. فى عام 1904م أبرم عقد لدمج شركة "المتروبوليتان" فى شركة سكة حديد الدلتا المصرية (شركة إنجليزية تأسست فى 4 مارس 1897م) فأصبحت كل ممتلكات الشركة بحلوان ملكا لشركة سكة حديد الدلتا. فكان لخط سكة حديد حلوان الريادة كونه أول خط بمصر يربط القاهرة بأحد ضواحيها، وأول خط بمصر تم تحويل قطاراته من البخار إلى الكهرباء سنة 1956م، وقطعا بعد أن تحول إلى مترو أنفاق افتتحت مرحلته الأولى (حلوان- رمسيس) سنة 1987م أصبح أول مترو من نوعه ليس فى مصر فقط بل بأفريقيا والوطن العربي المكاري عام 1880




































































الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;