مركز أبحاث أمريكى: تحرير سعر الصرف حل أزمة الدولار فى مصر



نشر المجلس الأطلنطى، وهو مركز بحثى أمريكى، تحليلا للأزمة الحالية الخاصة بتراجع قيمة الجنية مقابل الدولار فى مصر، مشيرا إلى أن تغيير النظام النقدى والسماح بقدر أكبر من المرونة لسعر الصرف هو الطريق الصحيح الذى يمكن من خلال تقليل الإعتماد على المساعدات المالية الخارجية، التى تمثل واحدة من أهداف الرئيس عبد الفتاح السيسى.

ويقول مركز الأبحاث الأمريكى فى تحليل، نشره نهاية الأسبوع، إن هناك إجماع داخل مصر وخارجها بأن انخفاض قيمة الجنيه المصرى وشيكة. إذ أن الأمر مسألة أسابيع أو أشهر قبل أن يضطر البنك المركزى إلى التخلى عن دعم العملة الذى يجرى عبر التحكم فى الواردات مع رفع الرسوم الجمركية، فضلا عن شراء الدولار.

ويضيف التقرير أن البنك المركزى نفى تخفيض قيمة العملة وهو رد فعل طبيعى لأنه إذا أقر بهذا فسوف يتجه الكثيرون فورا لشراء العملات الأجنبية ومن ثم تنفذ إحتياطات النقد الأجنبى مما يفاقم الأزمة. لذا فإن نفى أى إحتمال لخفض قيمة العملة يسمح للبنك المركزى بإختيار توقيت وحجم الإنخفاض فى حال إبتلعت الأسواق الأمر.

وبينما يبلغ سعر الصرف الرسمى 7.80 جنيه مقابل الدولار، فإن السعر فى السوق السوداء قد تجاوز الـ9 جنيه مقابل الدولار الأمريكى أى أقل من 15% عن السعر الرسمى. ويشير التقرير إلى أن معدل التضخم السنوى فى مصر يبلغ 10% مقارنة بـ2% لدى شركائها التجاريين، مما يفقدها القدرة التنافسية الدولية بنسبة 8%.

ويمضى التقرير إلى أن جميع المؤشرات المختلفة تشير إلى تعديل قيمة الجنية بنسبة 10-15%. وهذا الإستنتاج مدعوم بالتحليل الفنى لصندوق النقد الدولى IMF،والذى أظهر تعديل قيمة الجنيه بنسبة تصل إلى 16% عام 2015 ، إذ أن القيمة الحقيقة للجنيه يجب أن تكون 9 جنيه مقابل الدولار الواحد بدلا من 7.8.

وينتقل التقرير معلقا على قول محافظ البنك المركزى، طارق عامر أنه لتقليل الضغط على الإحتياطى الأجنبى فسيتم تقليل الواردات بنسبة 25% أى ما يعادل 20 مليون دولار خلال عام 2016. بما بعنى محاولة التوازن بين الواردات والصادرات.

ويرى المجلس الأطلنطى ان تقليل قيمة الجنيه بنسبة 15% سوف يعمل على تقليل الواردات وزيادة الصادرات لكنه لن يكون كافيا لوقف إختلال الميزان التجارى الذى بلغ فى 2015 أكثر من 25 مليار دولار. ومن ثم، فما لم تكن مصر قادرة على استعادة واردات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة والتمويل الخارجى، فإن الضغط على الإحتياطات الأجنبية سوف يعود مجددا.

وأضاف التقرير أنه إذا أرادت مصر تجنب المضى فى تعديل قيمة الجنيه وفقدان المزيد من إحتياطات العملة الأجنبية، فيجب عليها التحرك نحو سوق أكثر مرونة فيما يتعلق بنظام سعر الصرف. وهذا من شأنه تقليل الواردات والمساعدة فى الصادرات وجذب الإستثمارات الأجنبية المباشرة. ومن ثم لن تكون مصر بحاجة إلى مواصلة البحث عن التمويل الخارجى، القادم بشكل رئيسى من أصدقائها فى الخليج، للبقاء على الإحتياطى الأجنبى عند المستويات الآمنة.

وفيما يصنف صندوق النقد الدولى يصنف نظام سعر الصرف فى مصر بـ "التعويم المنظم"، فإن الحكومة والبنك المركزى لديهم تفضيل قوى للتحكم فى المعدل ضمن حدود معينه. وعلى سبيل المثال فإنه على مدى السنوات الخمس الماضية، انخفضت قيمة الجنيه بمعدل 7% فقط على الرغم من الاضطرابات السياسية الكبرى والقضايا الأمنية التى خلقت ضغوط خطيرة على ميزان المدفوعات.

ويشير التقرير إلى أن الخوف من تعويم الجنيه ينبع إلى حد كبير من الاعتقاد بأن الجنيه سيكون عرضة لتحركات حادة من شأنها أن تتسبب فى حالة من عدم اليقين للمستوردين والمصدرين سواء، فيما أن الانخفاض الكبير فى قيمة الجنيه سيسفر عنه تضخم يظهر فى زيادة أسعار الواردات.

بينما إذا ما إتجه البنك المركزى إلى نظام أكثر مرونة على صعيد سعر الصرف، مثلما يرى وزير المالية السابق أحمد جلال، فينبغى عليها تغيير نظام سياسة النقد. ويتمثل الهدف الرئيسى لسياسة النقد فى مصر فى البقاء على إستقرار الجنيه فى سياق مخزون كافى من إحتياطات النقد الأجنبى، والهدف الثانى يتعلق بالسيطرة على التضخم. لكن إذا تحول البنك المركزى نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة، سيكون عليه عكس الأولويات بحيث يصبح التضخم الهدف الرئيسى للسياسة النقدية.

ويشير تقرير المركز الأمريكى إلى أنه خلال العقدين الماضيين، انتقلت عدد من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة لإطار يستخهدف التضخم. فوجود التضخم كهدف أساسى للسياسة النقدية لا يستبعد الحفاظ على سعر الصرف من التذبذب كثيرا على المدى القصير، ولكن فى نهاية المطاف ينبغى أن يكون معدل التضخم الهدف ذو الأسبقية.

ويخلص التقرير مؤكدا أنه ينبغى لمصر إعتماد سياسة نقدية تستهدف التضخم أولا، وهو ما يتيح مجموعة من المميزات تتمثل فى تخفيف الضغط على الإحتياطى الأجنبى وتعميق إصلاحات القطاع المالى وتعزيز الشفافية فيما يتعلق بعمليات البنك المركزى وتقليل دور الحكومة فى السياسة النقدية.

ويؤكد أن هذا هو البديل الصحيح للنظام النقدى الحالى الذى يستهدف سعر الصرف، وهو ما أكتشفته العديد من البلدان، بما فى ذلك الأقل تقدما من مصر. ومع ذلك فلا يمكن تغيير نظام السياسة النقدية بين عشية وضحاها، لكن ينبغى على الحكومة المصرية البدء فى ذلك حالا إذ يجب على البنك المركزى تطوير أدواته وقدرته لتطبيق هذا النظام الجديد.

ويوضح التقرير أن المهمة الرئيسية للبنك المركزى ستتمثل فى إعادة توجيه نظام سعر الصرف المنظم أو "سعر الصرف الموجه" إلى أخر أقرب إلى التعويم، مع القيام بذلك تدريجيا لتجنب حدوث انخفاض حاد فى قيمة الجنيه. فهذه السياسة هى الوحيدة التى يمكن من خلالها تخفيف الضغط على النقد الأجنبى بشكل مستدام.

ويختم أن بخلاف ذلك، فإن الوضع الذى تعانيه مصر منذ سنوات، سوف يستمر وستكون هناك حاجة لمزيد من التمويل الخارجى. فإذا كانت هناك رغبة حقيقة فى تقليل الاعتماد على المساعدات المالية الخارجية وهى واحدة من الأهداف التى أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل انتخابه، فلابد من تغيير النظام النقدى والسماح بقدر أكبر من المرونة فى سعر الصرف.



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;