رؤية نقدية لياسمين فراج حول موسيقى تترات الدراما الرمضانية

مثلما تنوعت دراما رمضان ما بين المسلسلات الكوميدية والمسلسلات الاجتماعية والبوليسية ومسلسلات دراما الصعيد ودراما الأكشن والتشويق، تنوعت أيضا التترات، ولكن الملاحظة الغالبة عليها، أنه لم ينل تتر منهم انتشارا، ويردده الناس مثلما حدث من قبل مع تترات مسلسلات "العار" و"حمادة عزو" و"ذئاب الجبل" و"ليالى الحلمية"، بل مرت كل تترات المسلسلات مرور الكرام.

"انفراد" التقى الناقدة ياسمين فراج أستاذ النقد الموسيقى بأكاديمية الفنون، لتضع رؤيتها النقدية حول موسيقى وتترات الدراما الرمضانية.

فى البداية ترى الدكتورة ياسمين فراج أن الملحن محمد رحيم أحد الأسماء اللامعة فى مجال التترات الغنائية، وقد وضع لحن أغنيتى مسلسلين هما "الخانكة" من كلمات الشاعر محمد صلاح بأغنية "باتفرج ع الأيام" غناء المطربة بوسى، التى كانت مفاجأة فى أداء هذا التتر، حيث إنها ابتعدت عن الأداء الغنائى الشعبى وارتدت ثوبا جديدا ونجحت فيه، وقد وظف رحيم الهندسة الصوتية بشكل جيد من حيث لمعان الصوت وصداه، والتباين بين الكتل الصوتية للآلات الموسيقية، والتتر جاء فى نغمات مقام كرد. وترى ياسمين أن تتر بداية مسلسل "المُغنى" مختلفا تماما عن جميع تترات المسلسلات الأخرى، وهو من كلمات الشاعر بهاء الدين محمد بأغنية "أنا المغنى"، وتوزيع أحمد شعتوت، ومن غناء محمد منير بطل المسلسل نفسه، فكرة الأغنية تعتمد على ما يُعرف بالميدلى (تجميع أجزاء من أشهر أغنيات مطرب بعينه وإعادة توزيعها)، حيث اعتمد رحيم على تيمات لحنية من أغنيات محمد منير عبر مشواره الفنى وبناء لحن جديد عليها، فى نغمات مقامى كرد ونهاوند ومجموعة من الإيقاعات هى الوحدة الكبيرة، المقسوم، الفالس فى جزء من أغنية دارت الأيام لحن محمد عبد الوهاب، وبذلك يصبح هذا التتر مختلفا تماما عن جميع تترات المسلسلات الأخرى، لأنه مزج بين مجموعة من الألحان لملحنين من أجيال مختلفة مثل الملحن والمطرب النوبى أحمد منيب، هانى شنودة، محمد عبد الوهاب، محمد رحيم، والجدير بالذكر أن رائد هذه الفكرة (الميدلى المبنى عليه ألحان جديدة) فى تترات المسلسلات هو الراحل عمار الشريعى فى مسلسل أم كلثوم. أما تتر نهاية مسلسل "المغنى" فكان من كلمات نصر الدين ناجى، ولحن وتوزيع أحمد فرحات وهى أغنية "عايش" التى جاءت فى نغمات مقام كرد، بدأت بإيقاع نوبى فى إشارة إلى أصول وهوية بطل المسلسل ثم يتحول الإيقاع إلى المقسوم للتحول من الخاص إلى العام، وعزف من كمنجتين ليظهر لنا تعدد التصويت منذ الوهلة الأولى فى التتر، بعدها يظهر الميلودى اللحنى لمجموعة الكمنجات كخط مصاحب للغناء أو كفاصل بين الكوبليهين.

وتؤكد ياسمين: "الشاعر محمد البوغة والملحن محمد عبد المنعم والموزع عادل حقى اشتركوا فى وضع تتر مسلسل "الأسطورة" بأغنية "فوق بقى" غناء المطربة ريهام عبد الحكيم ، الأغنية جاءت فى نغمات مقام نهاوند ، وظهرت فيه عدة إيقاعات مثل : التشاتشا اللاتينى ، الوحدة الكبيرة ، المقسوم ، والأغنية إنحازت للنسق الموسيقى الشرق أوسطى من خلال الآلات العازفة والإيقاعات ، ولكن كلمات الأغنية تروج للعنف والانتقام والغضب كما جاء فى مقطع سينيو الأغنية وهو الجزء الذى يتكرر عدة مرات فيها "هى غابة واللى مالهوش ضهر فيها/ حقه وكلاه الديابا/ أيوه غابة عشت طيب وإتاكلت/ خلاص بقى بطل خيابة / خش فيها بقلب جامد / عشها جاحد/ الزمان ده مافيهوش مكان/ للضعيف ولا للغلابة).

مسلسل "هى ودافنشى” وضع تتره وموسيقاه التصويرية راجح داوود ، وكلمات التتر كانت للشاعر محمد الحناوى بأغنية "من نور عنيك" غناء ريهام عبد الحكيم أيضا ، وقد اختار داوود نغمات مقامى النوأثر نادر الاستخدام لوضع لحن التتر فيه إلى جانب استخدام نغمات مقام بياتى فى جزء من الأغنية ، وتصنف عاطفية ظهر فيها مزيج من الآلات الغربة والشعبية مثل البيانو ، والفيولا ، والناى ، ومزج بين مجموعة من الإيقاعات الشرقية مثل الوحدة الكبيرة والغربية مثل الروك البطيئ ، وكان هذا التتر فى مجمله حالة خاصة.

تتر مسلسل "الطبال" من كلمات عطية الضو ، لحن هانى فاروق ، غناء محمود الليثى وجاء اختياره لغناء التتر مناسبا تماما ويتفق مع مضمون دراما المسلسل ، بدأ بموال فى نغمات مقام حجاز أما الكوبليهين فجاءا بلحن واحد فى نغمات مقام كرد، واللافت للانتباه أن كاتب الكلمات استخدم أفعال التعارض فى سينيو الأغنية الذى يقول فيه "إن طبلت ارقص لها/ وإن كشرت اضحك لها/ وإن زهزهت خاف منها/ إيه اللى خادناه منها" وهو ما يبرز وجود دعوة للتفاؤل والحرص من ناحية أخرى ولكن بلغة مستبطنة.

مسلسل "يونس ولد فضة" الذى تدور أحداثه فى قرية من قرى صعيد مصر ، كتب كلمات تتره عُمر طاهر ، لحنه وغناه شقيق بطل المسلسل وهو أحمد سعد ، توزيع موسيقى لخالد نبيل ، ونجح فريق عمل التتر فى تجسيد أجواء صعيد مصر والدراما ، فقد جاء لحن التتر مكونا من فكرتين لحنيتين ، الأولى غناء كورال النساء بلحن يشبه الألحان الشعبية فى ريف الصعيد فى نغمات مقام هُزام ، والفكرة الثانية هى لحن الكوبليهات التى كانت فى نغمات مقام سوزناك ، وكلا المقامين من المقامات المصرية التى تحتوى على نغمة ثلاثة أرباع التون ، كذلك استخدمت آلات موسيقية تنتمى جميعها لريف مصر بشكل وهى الربابة ، الناى ، المزمار ، إلى جانب مجموعة الكمنجات التى كان دورها محدود ، أما الإيقاع الوحيد الذى ظهر فى الأغنية فهو أحد أشهر الإيقاعات الشعبية المصرية وهو الملفوف ذو الميزان الثنائى وتنويع عليه. وظهر فى هذا المسلسل أيضا أغنية أخرى هى أغنية "ياصاحبى” التى اعتمدها صناع العمل فى الترويج لبرومو المسلسل وقد وضع لها أحمد سعد لحنا يتشابه كثيرا مع لحن أغنية "آه لو لعبت يازهر" وذلك بسبب استخدامه لنفس المقام وهو راست ونقرات إيقاع المقسوم ، ونفس نوعية الموسيقى التى بها جزء ينتمى للأصوات الصناعية التى تستخدم فى أغنيات المهرجانات ، وعموما فإن أحمد سعد لديه قدرات كبيرة كملحن وكمغنى وهو دائما مايميل لاستعراض مهاراته وإبراز أنه قادر على غناء وتلحين أنماط مختلفة من الموسيقى، وهذا بالطبع حق لأى شخص متميز فى مجاله.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;