إيناس الشيخ تكتب: على فكرة الرجالة بتعيط عادى!

"على فكرة الرجالة بتعيط عادى" ببساطة ملأت نبرة صوته همس "سليم" أو النجم أحمد وفيق للطفل "أحمد داش" أو شخصية آدم فى مسلسل سقوط حر، نطق بهذه الجملة التى لخصت حق الرجل الشرقى المسلوب فى البكاء، ترك له الغرفة ببساطة مغادراً، وترك له أيضاً مساحة واسعة للبكاء بصوت عالِ على مقتل والده، ومصير أمه بمستشفى الأمراض النفسية والعصبية، فمن قال إن الرجل ليس من حقه البكاء؟ وكأنما ضغط "سليم" دون قصد على جرح رجالى معقد، لا تدركه النساء أثناء ثورات الغضب العارمة، ولا يلتفتن إليه وسط معركة حامية من قذف مكعبات اللهب المحملة بقهر الأنثى على رجالهن فى المشاجرات العنيفة، وكأنما اختار سليم بهذه الجملة أن يؤكد أن الرجل ينفجر أيضاً، يبكى أيضاً، تنسال دموعه رافضة الانصياع أكثر لقوته الرجولية المفروضة عليه فرض العين أحياناً، وكأنما قرر "سليم" أن يعلن أخيراً عما كتمه رجال هذا العالم سنوات لم تعد محتملة، وصب بسؤاله عتاباً قاسياً على مجتمع سلب الرجال حقوقهم فى ما هو أهم مما اكتسبوه بالفعل من حقوق "رجالى" صارمة.

منذ أن عرفت معنى عبارة "حقوق المرأة" وأنا اسمعها يومياً، أؤمن بها، وأملك منها ما حصل عليه المجتمع بسيف الحياء أحياناً، والقوة والجبروت أحياناً أخرى، أدرك حقوقى وأعرفها، ولكن على الأقل اعرفها، يمكننى المطالبة بها والكتابة عنها، على عكس الرجل الذى لا يملك الحق فى الصراخ قائلاً "انا عايز أعيط"! .. ليست المرأة فقط هى من مارس عليها المجتمع سلطة التصنيف والأحكام المطلقة، فالرجل أيضاً سلبه المجتمع حقه فى البكاء، الصمت، الانكسار والشعور بالضعف، وحقوقه فى العزلة. من حق الرجل أن يبكى عندما يطفح به الكيل، عندما تنفجر رئتيه رغماً عنه، وتنسال دموعه مهما حاول حبسها، من حق الرجل أن يشعر بالضعف، وأن تخونه قواه أحياناً فهو بشراً فى نهاية الأمر، ومن حق الرجل أن يخطئ كما نخطأ جميعاً.

من حق الرجل أن ينعزل عندما يحتاج للصمت، ليس عليه دائماً أن يجيب عن الأسئلة، وليس هو بالضرورة من يجب عليه الاحتواء والتصرف فى كل الأمور التى ربما لا يفهمها أو يدركها أحياناً.

من حق الرجل أن يقول "ما اعرفش" وأن يعلن بين الحين والآخر أنه لا يملك القدرة على حل المشاكل، من حقه الراحة بعيداً عن عمل يمقته، ولكنه محتفظ به من أجل عائلته فقط، من حق الرجل أن يحتويه أحد، أن يستمع إليه أحد، أن يحتضنه أحد ويبكى كما يحلو له لأن "الرجالة من حقها تعيط عادى".




الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;