بشير العدل يكتب : السلع الأساسية .. والممارسات الاحتكارية

بعيدا عن الأسباب التى أدت إلى تراجع الحكومة عن قرار إعفاء استيراد الدواجن من الرسوم الجمركية ، إلا أنه كشف عن حالة من الممارسات الاقتصادية الاحتكارية ، التى تستهدف إحراج الحكومة والدولة أمام المواطنين ، وإظهارها بمظهر العجز عن توفير السلع الأساسية للمواطنين.

فما أن تم إعلان التراجع عن القرار ، وبعيدا عن كون السبب أنه نوع من الديمقراطية ، والاستجابة للاحتجاجات التى ظهرت فى أعقابه ، أو كونه كان قرارا غير مدروس بشكل كاف ، أو أنه تم تفسيره على غير الهدف منه ، إلا أن إلغاءه أدى إلى ظهور منتجين للدواجن بالجملة يبدون استعدادا لتوريده بأسعار أقل مما كانت سائدة قبل قرار الاعفاء الجمركى على واردات الدواجن ، لتعود الأسعار إلى طبيعتها أو بشكل أقل مما كانت عليه.

القرار وردود الأفعال عليه ، سواء بعد إقراره أو إلغائه يعكس حالة من الممارسات الاقتصادية ، التى تخرج عن إطار المنافسة الحرة ، وهى منافسة مشروعة ، ودخولها إلى المنافسة الاحتكارية ،وهى غير مشروعة ، نظرا لآثارها السلبية التى تضر أول ما تضر بالمواطن العادى ، الذى يسعى بما يتحصل عليه من دخل محدود ، للحصول على احتياجاته من متطلبات الحياة من سلع أساسية.

كما يعكس أيضا حالة الرغبة الدفينة لدى بعض المنتجين ، إما بعدم التعاون مع الحكومة ، وتقديم صورة للمواطنين بأن "الأسعار نار" بهدف تأليب الرأى العام ، وإما بهدف تعظيم الأرباح عن طريق تعطيش السوق ، بالتأثير على المعروض السلعى ، حتى ترتفع أسعاره مع استمرار الطلب عليه ، ثم البيع بأسعار عالية لتعظيم الأرباح، غير أن المواطن هو الذى يدفع ضريبة فى كلتا الحالتين ، إما نتيجة ضعف المواطنة لدى بعض المنتجين ، أو الجشع واللهاث وراء الربح العالى لدى البعض الآخر.

ما حدث مع الدواجن حدث أيضا مع سلع أخرى أساسية ، كالأرز الذى ارتفعت أسعاره إلى اكثر من 7 جنيهات ، بفعل مثل تلك الممارسات غير الاخلاقية لدى بعض المنتجين ، حتى تدخلت الدولة ، واتخذت إجراءات ما بين منع التصدير ، أو تسهيل الاستيراد ، حتى تمت تغطية السوق بالمنتج الذى هبط سعره الى اقل من 4 جنيهات.

الحل الاقتصادى فى مثل تلك الحالات يتطلب تدخلا من الدولة ، ولا أقصد هنا التدخل فى إجراءات التصدير أو الاستيراد ، وإنما يجب أن يتم تطبيق سياسية "التقويم الاقتصادى" بمعنى دخول الدولة كبائع فى حالة نقص المعروض السلعى ، ودخولها كمشتر فى حالة زيادة المعروض ، وتخزينه لوقت نقص المعروض ، وذلك لإحداث حالة من التوازن بين العرض والطلب فى السوق ،خاصة بشأن السلع الأساسية التى لا غنى للمواطن عنها، وهى السياسة التى تتبعها حاليا القوات المسلحة ، والتى أعتبرها تعويضا لنقص فى الأداء الحكومى، الذى تقع عليه مسئولية تنفيذ تلك السياسة ، حتى لا تضع القوات المسلحة أمام الرأى العام فى موضع التاجر ، أو المستثمر ، كما يروج أنصار الجماعة الإرهابية ، وأعضائها فى الداخل والخارج المصرى.

الحكومة إذن مطالبة بسياسات اقتصادية جديدة ، تعمل على إعادة نقطة التوازن إلى السوق ، والحفاظ على مستويات الأسعار عند الحدود المقبولة،والتى تحددها قوى العرض والطلب ، شريطة مكافحة الاحتكار ، وهو ما يجب أن تتنبه إليه الحكومة ، وتقوم على تنفيذه وبشكل عاجل.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;