هناك أمراض لا يعرفها الكثيرون منا إلا بالصدفة ، عندما تصيب أحد أفراد العائلة ، او تداهم صديق أو جار، وتكون الصدمة هائلة عندما تتعرف على حقيقة الارقام المطلوبة كتكاليف للعلاج لفترات طويلة تتخطى العام فى بعض الأمراض او تستمر طوال الوقت مع بعضها الأخر.
ونتفاجأ بأسماء الأمراض و اعراضها التى تتشابه علينا وعلى الاطباء أيضاً فى بعض الأحيان، ولا يكتشفها إلا الخبير المتمرس
وبالصدفة كنت أزور صديقاً داهمه أحد هذه الأمراض، ولم يكتشفه إلا بعد وقت طويل مع الألام التى كادت تقعده تماما
وحينما اهتدى هذا الصديق لطبيب كبير كشف له عن حقيقة المرض و حاجته لعلاج لفترة قد تجاوز العام، كانت الصدمة كبيرة من ارتفاع تكاليف هذا العلاج الذى يتخطى 20 الف جنيه شهرياً
لا تتعجب فالدواء يشتمل على علبة واحة ثمنها 16 الف جنيه لا تكفى سوى لشهر واحد
وحينما حاول الرجل ان يصرف دواءه من التأمين الصحى اكتشف ان هذه الأدوية يرفض التأمين الصحى صرفها ، مما يُلجأ المرضى إلى طريق المحاكم الطويل، حيث يتم رفع دعوى قضائية امام مجلس الدولة لإلزام التامين الصحى بصرف الدواء
واكتشف الرجل ان هذا الطريق -طريق المحاكم - سلكه قبل عشرات غيره قبل ان ينجحوا فى الحصول على احكام ملزمة بحقهم فى صرف الدواء، ولم يحتاج الأمر لكثير من الوقت قبل أن يصبح هذا الصديق رقماً فى رول المحاكم ينتظر موعداً للجلسات .
وقد يطول الوقت او يقصر قبل أن يصل الرجل لحقه الدستورى فى العلاج فلا شىء ثابت فى بلادنا، و لا قواعد حاكمة او منظمة حتى لأبسط حقوق المواطن فى العلاج.
والشىء الغريب أن هذا الأمر متكرر مع الاف المرضى الذين ينتظرون مع الامهم شهوراً ،و يزحمون المحاكم المزدحمة اصلاً بكم من القضايا يمكن ألا تكون موجودة أصلاً لو كان بيننا رجل رشيد
فالطبيعى ان وزارة الصحة وهيئاتها هم اول من يعلم بالأمراض والعلاجات الجديدة والقديمة وتكاليفها، ولذلك فهم الأولى بالبحث والتحرى ووضع القواعد المنظمة لصرف هذه الأدوية او اجراء تلك الجراحات فى الأوقات المطلوبة و بالسرعة اللازمة ، لأنهم كأطباء - قبل ان يكونوا مسئولين-أدرى الناس بحجم المعاناة والألام للمرضى
و الأمر لا يحتاج لذكاء او عبقرية على الإطلاق ولكنه يحتاج لإرادة وتحمل مسئولية من المسئول الذى يهرب من مسئولياته ويحتاج لحكم قضائى يحتمى به
و رأيى المتواضع أن الأمر أصبح يحتاج إلى قرار جرىء من وزارة الصحة بتشكيل لجنة عليا داخلها تكون مهمتها فحص طلبات صرف الدواء عالى التكلفة والبت فى هذه الطلبات خلالا مدة لا تجاوز اسبوعين، واصدار القرارات اللازمة للصرف
فالمريض لا يستطيع ان ينتظر مع الامه، وقد تتدهور حالته وينتقل من حالة لحالة اكثر خطورة مما يرفع تكاليف العلاج، و قد يموت وذنبه فى رقبة المسئولين
كذلك تكاليف نظر القضايا فى المحاكم ترهق كاهل المريض والدولة معاً و تعطل نظر قضايا تحتاج بالفعل لتفرغ القضاء أكثر من موضوع شغل القضاء بنظر قضايا علاج مرضى
ارحموا الناس فلا يوجد مريض فى مصر يتحمل فاتورة علاج تتجاوز 20 الف جنيه فى الشهر مهما كان مستوى دخله
و اعلموا ان الفقراء هم الأكثر عرضة للأمراض وهم الأولى بالرعاية