في أول زيارة لرئيس مصري منذ أكثر من 8 سنوات ..وصل الرئيس عبدالفتاح السيسي الي واشنطن بأجندة مزدحمة لمدة 5 أيام تتضمن لقاءات غاية في الأهمية مع الإدارة الأمريكية الجديدة ، وأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب ،ومراكز الأبحاث ، ومجتمع المال والأعمال..الخ .
الزيارة تاريخية بكل المقاييس ، وتؤسس ولأول مرة لعلاقات ندية وشراكة استراتيجية بين البلدين ، بعد أن كانت قائمة علي التبعية وتقديم فروض الولاء والطاعة للبيت الأبيض ، وهو ما يعد انتصارا كبيرا لمصر ما بعد 30 يونيو ، وهزيمة كبري لتحالف الإدارة الأمريكية السابقة ورهانها علي حصار مصر وتقزيم دورها ، انتقاما من شعبها الذي انتفض ضد حكم الإخوان المدعوم صهيوأمريكيا .
"ملفات ضخمة وقضايا شائكة" تنتظر حسمها خلال هذه الزيارة ، ليس فقط فيما يخص مستقبل العلاقات بين البلدين ، ولكن ولأول مرة منذ سنوات سيتم التطرق لكل ما يخص منطقة الشرق الأوسط ، فمصر العائدة بقوة لا تتحدث عن مصالحها فقط ، ولكن بإعتبارها الدولة المحورية المتماسكة ،صاحبة القوة العسكرية الأكبر في المنطقة ، والتي تدافع عن الأمن القومي العربي .
في عالم السياسة ليس بالضرورة أن يتم الاتفاق وتطابق وجهات النظر في جميع القضايا ، وأساس علم التفاوض هو وجود نقاط اتفاق واختلاف للوصول إلى توافق يحقق مصالح الطرفين.
"أمريكا بحاجة الي مصر.. مثلما مصر بحاجة الي أمريكا " هذه القاعدة هي التي تؤسس لشراكة إستراتيجية متميزة بين البلدين ، وهناك ولأول مرة شبه توافق في الرؤي بين الرئيسين حول عدة نقاط علي رأسها ملف محاربة الإرهاب الذي أصبح لمصر تجربة قوية وجادة ورائدة في هذه المعركة ، وهو ما سيستدعي حسم مصير المعونات العسكرية ، والمساعدات الإقتصادية ،ويراهن الجانب المصري علي مجتمع المال والأعمال الأمريكي في استغلال الفرص الإستثمارية لتكوين شراكة استراتيجية اقتصادية غير مسبوقة .
بكل المقاييس الموضوعية فإن نتائج هذه الزيارة الإستراتيجية علي المدي القريب أو المتوسط أو البعيد ، ستكون في صالح مصر ، التي أصبحت لاعبا قويا وفاعلا مؤثرا -وليس مفعولا به- فيما يخص قضايا المنطقة ، وتؤسس لمرحلة جديدة شعارها " اللعب مع الكبار " بكل ما تحمله الكلمة من معني ، بعد أن طويت صفحة جمود وتوتر العلاقات التي كان عنوانا للعلاقات بين البلدين خلال العقدين السابقين .
وكعادة اللعب مع الكبار.. سيكون هناك شد وجذب ، اتفاق واختلاف ، خسائر ومكاسب ، ومحاولة الضغط لكي يحقق كل طرف مصالحه بأقل تكلفة أو تنازلات ، وفي المقابل هناك من لا يريد لمصر أن تكون رقما صحيحا في معادلة القوي والتوازنات الدولية ، وهو ما يفسر الحرب النفسية التي يتم شنها من قبل أطراف دولية واقليمية ودويلة عربية صغيرة ، ليس فقط الان ولكن منذ 30 يونيو ، ولعل نجاح زيارة السيسي لأمريكا ، ستضاعف من اشتعال هذه الحرب القذرة التي تمارس ضد مصر ، لانها قد تكون بداية لإعلان وفاة الأب الشرعي لكل الجماعات الإرهابية في المنطقة ، وهو التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية .
أخيرا علينا جميعا الاستعداد بكل الطرق والأساليب ، للتصدي بقوة ضد من يريد عرقلة انطلاق مصر بقوة نحو حجز مكانها الذي تستحقه علي الخريطة.