"الطماع قبل النصاب".. مثل شعبى دارج يتفوه به ملايين المصريين وينسوه عندما يرى بعضهم فتنة المال والكسب السهل والسريع، فإذا كنت ممن يطالعون الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية، فأعتقد أنه لا يمر عليك يوماً دون أن تقرأ خبر "سقوط مستريح جمع ملايين من ضحاياه"، فيتعدد الواقع والأماكن الجغرافية، لكن يبقى النصاب هو القاسم المشترك فى جميع هذه الحوادث.
لعلك تتعجب مثلى، من كم الملايين التى يغدق بها المصريين ـ وبينهم بسطاء ـ على "المستريحين"، فيما يُعرف بـ"توظيف الأموال" طمعاً فى الثراء السريع، حيث دأب بعض المواطنين على الزحف نحو أشخاص يعملون فى مجال توظيف الأموال ووضع "تحويشة العمر" بين أيديهم، عقب وعود واهية بحصولهم على فوائد أو عائد شهرى يتخطى الـ20% فى بعض الأحيان.
ضحايا جرائم توظيف الأموال أو "المستريحين"، يحصلون فى بداية الأمر على ربح ثابت لعدة أشهر، حتى تطمئن القلوب، ويضع الضحايا مزيداً من الأموال لدى النصابين، وربما يتصرفوا فى مجوهرات النساء بالبيع للاستفادة منها بتوظيفها لدى "المستريحين"، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما يقنعوا أصدقاءهم بوضع أموالهم أيضاً لدى هؤلاء الأشخاص، ليكتشف الجميع بعد أشهر معدودات أنهم وقعوا ضحية للنصابين بعد استيلائهم على الأموال والهروب بها.
اللافت للانتباه، أنه بالرغم من سقوط "المستريحين" بصفة يومية، إلا أن المواطنين مازالوا يتكالبوا على النصابين كلما ظهر "مستريح" جديد يضعوا بين يديه أموالهم، وبالرغم من تحذيرات مباحث الأموال العامة المتكررة من ضرورة توخى الحذر وعدم التعامل مع النصابين، إلا أن ثقافة الطمع لدى شريحة كبيرة من المواطنين تلقى بهم فى طريق النصابين.
دعنى أقول لك، من واقع متابعتى لجرائم "المستريحين"، أن هؤلاء النصابين خلال السنوات القليلة الماضية جمعوا نحو 5 مليارات جنيه من "جيوب المصريين"، بينها ما حُرر به محاضر، وآخرين مازال الضحايا يساومون المتهمين أملاً فى الحصول على أموالهم دون اللجوء للشرطة.
الأموال الطائلة التى فقدها المصريون بسبب "المستريحين"، أصابت بعض الضحايا بالمرض، وفقد آخرون حياتهم، حيث لم يتحملوا الصدمة، فيما أعلن بعض الرجال طلاق نسائهم التى جمعت تحويشة العمر وذهبت بها لـ"المستريحين" على غير رغبة من الأزواج، لتكون النهاية "موت وخراب ديار".
ولعل البعض يتساءل عن سر تسمية أى نصاب يستولى على أموال المواطنين بـ"المستريح"، والأصل فى ذلك، هو "أحمد مصطفى" الشاب القناوى الشهير بـ"المستريح" الذى جمع 200 مليون جنيه من ضحاياه ونصب عليهم فتم القبض عليه، ليطلق على أى نصاب لاحقاً لقب "المستريح".
دعنى أقول لك بكل صدق أنه حتى كتابة هذه السطور، سقط الكثيرون ضحايا لـ"المستريحين"، وسوف يسقط آخرين خلال الأشهر المقبلة، ولن نتوقف عن كتابة أخبار "ضبط مستريح" على صدر صفحات جرائدنا، طالما أن "ثقافة الطمع" تُعمى القلوب وتُعطل العقول، فهل من عاقل يتعظ؟؟!!