العدالة فى الإسلام

لقد أخذ الدين الإسلامى على عاتقه تنظيم الحياة الانسانية من سائر وجوهها، من خلال تصور شمولى متكامل عن الألوهية والكون والحياة والإنسان. فتناول الإسلام طبيعة العلاقة بين الخالق والخلق، والعلاقة بين الكون والحياة والإنسان، إلى طبيعة العلاقة بين الإنسان ونفسه، وبين الفرد والجماعة، إلى حتى الجماعات الانسانية كافة، وبين الجيل والأجيال. والإسلام دين الوحدة بين القوى الكونية جميعا، هو دين توحيد الإله، وتوحيد الأديان جميعاً فى دين الله، وتوحيد الرسل فى التبشير لهذا الدين الواحد منذ فجر الحياة "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" . والحق هو الدين الوحدة بين العبادة والمعاملة، والعقيدة والشريعة، والروحيات والماديات، والقيم الاقتصادية، والقيم المعنوية، والدنيا والآخرة، والأرض والسماء. وحين ندرك هذا الشمول فى طبيعة النظرة الإسلامية للألوهية والكون، والحياة والإنسان، ندرك معها الخطوط الكبرى "للعدالة الاجتماعية" فى الإسلام ، فهى قبل كل شيء، عدالة انسانية شاملة لكل جوانب الحياة ومقوماتها بمعنى الكلمة، وليست مجرد عدالة اقتصادية محدودة. فهى تتناول جميع مظاهر الحياة، وجوانب النشاط فيها، كما تتناول الشعور والسلوك، والضمائر والوجدان. والقيم التى تتناولها هذه العدالة ليست القيم الاقتصادية وحدها أو حتى المادية وحدها على وجه العموم، إنما هي مزيج متناسق بديع من القيم المادية والروحية جميعاً. وبمقتضى ذلك ، ينظر الدين الاسلامي إلى الانسان على أنه وحدة لا تنفصل أشواقه الروحية عن نزعاته الحسية ، ولا تنفك حاجاته المعنوية عن حاجاته المادية. ثم إن الحياة في نظر الاسلام تراحم وتوادّ، وتعاون وتكافل، محدد الأسس، مقرر النظم، بين المسلمين على وجه خاص، وبين جميع أفراد الانسانية على وجه عام أيضاً!. فعلى هذين الخطين الكبيرين: (1) الوحدة المطلقة المتعادلة المتناسقة ،(2) والتكافل العام بين الأفراد والجماعات ، يسير الاسلام في تحقيق "العدالة الاجتماعية" مراعياً العناصر الأساسية في قطرة الانسان ، غير متجاهل كذلك " للطاقة البشرية". حيث يقول القران الكريم عن الانسان "وإنه لحب الخير لشديد" حب الخير لذاته ، ولما يتصل بذاته. ويقول فى وصف الإنسان بالبخل فطرة وطبعاً: "وأحضرت الأنفس الشح". وهو يصور طبيعة الحرص والتقتير في الانسان بقوله تعالى: " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتوراً" . (الاسراء 100) لذلك فإن الإسلام فى رأيى، عندما يضع نظمه وتشريعاته، وعظاته وتوجيهاته، لا يغفل ذلك الحب الفطرى للذات، ولا ينسى ذلك الشح الفطرى الأصيل، ولكنه يعالج الأثرة، والشح بالتوجيه والتشريع، فلا يكلف الإنسان إلا وسعه، ولا يغفل فى الوقت ذاته حاجات الجماعة ومصالحها، وغايات الحياة العليا فى الفرد والجماعة على توالى العصور والأجيال. وتلك هى أسس واضحة العدل الاجتماعى المنشود. أستاذ الاقتصاد السياسي - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة .



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;