أفضل أيام الدنيا

«كل يوم من أيام العشر بألف يوم.. ويوم عرفة بعشرة آلاف يوم فاغتنم الفرصة» أهلّت علينا أفضلُ أيام الدنيا، أيام العشر من ذى الحجة، ومن فضل الله سبحانه على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات تُضاعف فيها الحسنات وتُرفع فيها الدرجات، ويُغفر فيها كثير من المعاصى والسيئات. أيام إذا اخترت فيها التجارة مع الله كنت بإذنه وفضله من الرابحين، أيّام الفلاح التى تضاعف فيها الأجور والأرباح. فقد روى البخارى أن النبى «صلى الله عليه وسلم» قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعنى أيام العشر،ـ قالوا يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله؟ قال ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشىء». وفى رواية عند الدارمى: «مَا مِن عَمَلٍ أَزْكَى عِند اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ أَعْظَمَ أَجْراً مِن خَيرٍ تَعْمَلُهُ فِى عَشْرِ الأَضْحَى». فمِن فضائل هذه الأيام أنها الأيام المعلومات التى حثنا الله سبحانه وتعالى فيها على الإكثار من ذكره، فقال «وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ»، قال ابن عباس، رضى الله عنهما، هى أيام العشر، وقال ابن رجب، رحمه الله، جمهور على العلماء على أن الأيام المعلومات هى عشر ذى الحجة. ومن فضائلها أيضًا أنها من جملة الأربعين يوما التى واعدها الله موسى عليه السلام فقال، «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً». قال ابن كثير، رحمه الله: الأكثرون، يعنى من المفسرين، على أن الثلاثين هى ذو القعدة والعشر هى عشر ذى الحجة. ومن فضائلها أن دين الإسلام اكتمل فيها ففيها أنزل الله: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا». ومن فضلها قول النبى، صلى الله عليه وسلم: «أفضل أيام الدنيا أيام العشر». وكونها أفضل أيام الدنيا، لأنها تجتمع فيها أعمال صالحة متعددة، قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى: «والذى يظهر أن السبب فى امتياز عشر ذى الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها، وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك فى غيره». والركن الخامس من أركان الإسلام ألا وهو الحج يقع فى هذه العشر، والكثير منا تمنى الحج هذا العام، ولكن لم يتيسر له ولم يكتبها الله له، ولكن الكريم قد عوضنا عن ذلك فيما قد يفوق فى الأجر أداء الحج نفسه، فهى بالفعل أفضل أيام الدنيا، إذ جعل أجر العمل فيها أكبر من أجر الجهاد فى سبيل الله، والذى هو بدوره أكبر من أجر الحج نفسه. رُوِى عن سيدنا أنس «رضى الله عنه» أنه قال: «كل يوم من أيام العشر بألف يوم، ويوم عرفة بعشرة آلاف يوم فاغتنم الفرصة». وقد بلغ اليقين عند علمائنا فى فضل هذه الأيام العشر إلى أن قال الإمام «الأوزعى»، رحمه الله: «بلغنى أن العمل فى أيام العشر بغزوة فى سبيل الله وأنت صائم نهارًا تحرس ليلًا». وأن يوفقك الله إلى العمل والطاعات فى هذه الأيام المباركات لهو فضل من الكريم سبحانه يتفضل به على من أحب من عباده، وفى ذلك قال «الإمام الغزالى، رحمه الله»: «إذا أحب الله عبدًا استعمله فى الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال، وإذا أمقته استعمله فى الأوقات الفاضلة بسيئ الأعمال». وتتعدد الأعمال والطاعات التى يمكن القيام بها فى هذه الأيام لنيل أجرها والتعرض لنفحاتها، كما أخبر بذلك النبى «صلى الله عليه وسلم»: «إن فى أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها». وأول هذه الأعمال استحضار الهمة وإخلاص النية لله عز جل، فانوِ من ورائها التوبة من الذنوب والمعاصى، والتغيير للأفضل، والثبات والمداومة على الطاعات، كما يمكنك أن تستحضر لكل يوم نية خاصة به تتسع معها دائرة أهدافك. ومن أعظم الأعمال التى يجب الحرص عليها فى هذه الأيام «الذكر» لما له من فضل عظيم، قراءة القرآن الكريم: فاجعل لنفسك وردا يوميا، تستشعر فيه روعة وجلال كلام الله، وقد قال فى ذلك سيدنا عثمان بن عفان «رضى الله عنه»: لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا. وكذلك الصيام، فهو من الأعمال عظيمة الأجر عند الله: «من صام يوما فى سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا». متفق عليه. ولا يفوتنا أن نجعل فى يومنا وقتًا للدعاء، فادعوا الله واسألوه من فضله وتحرُّوا أوقات الإجابة، ولا ننسى قيام الليل وما له من ثواب كبير. ومن أعظم الأعمال، خاصة فى هذه الأيام «الصدقة»، فأصلح بها ما بينك وبين ربك، وتدفع بها جوعة فقير وتكسو بها مسكينا، أو تعالج بها مريضا. فعلينا أن نبذل كل جهد طمعًا فى نيل الأجر، مع بذل الدعاء أن يرزقنا حج بيته الحرام.. آمين.



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;