500 جنيه تبرئ مرسى جميل عزيز من تهمة السرقة

هو واحد من هؤلاء الشعراء الذين كلما بحثت عن أغنية أحبها وجدتها من تأليفه.. "جواب" و"بأمر الحب" لعبدالحليم حافظ، "الشوق" لمحمد فوزى، "ياما القمر ع الباب" لفايزة أحمد، "أما براوة" لنجاة، ورائعة وردة "أكدب عليك". كل تلك الأغنيات وغيرها جعلت اسم مرسى جميل عزيز "علامة جودة" بالنسبة لى لأى أغنية تحمل توقيعه، ورغم كل تلك الأغنيات التى تدل على موهبة راسخة لا يجرؤ على إنكارها أحد إلا جليل البندارى، ولمن لم يسمع بهذا الاسم من قبل، جليل البندارى واحد من أبرز نجوم بلاط صاحبة الجلالة فى عصرها الذهبى بمنتصف القرن الماضى، وأحد نجوم الصحافة الفنية. اشتهر جليل البندارى بنقده اللاذع ولسانه الطويل، طويل جدا كما وصفه الزميل محمد توفيق فى كتابه أولياء الكتابة الصالحون فقال عنه: "أفكاره مركزة، وأهدافه واضحة، وعباراته مكثفة، وكلماته قليلة، وجمله قصيرة، لكن لسانه كان طويلا، وطويلا جدا. لكنه رحل قبل قرابة نصف قرن بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا، وضحكا، وأفلاما، وأوصافا، وشتائم، لدرجة أن "تحية كاريوكا" أطلقت عليه لقب "جليل الأدب.. وإحنا بندارى عليه". اشتهر البندارى بجرأته فى الهجوم على الفنانين، تلك الجرأة التى شجعته يوما على اتهام واحد من أهم شعراء الأغنية بسرقة مؤلفاته من شعراء آخرين، تلك المعركة التى أفردت لها "أخبار اليوم" صفحاتها تحت عنوان "مذبحة بين مؤلفى الأغانى" وسجل تفاصيلها د. نبيل حنفى محمود فى كتابه "معارك فنية" الصادر عن دار الهلال. بدأ البندارى المعركة فى 28 أكتوبر 1961 بـ"أخبار اليوم" فى مقال بعنوان "من هو قرصان الأغانى.. الذى سرق أجمل كلمات هذا الموسم؟".. اتهم فيه مرسى جميل عزيز بالاستيلاء على مطلع أغنية الشاعر أحمد شفيق كامل "أنا شفت جمال"، فذكر البندارى فى مقاله كيف اطلع "مرسى" على كلمات "أنا شفت جمال"، حيث أعطاها شفيق كامل للموجى كى يقوم بتلحينها ليغنيها عبد الحليم، ولكن لانشغال الموجى انتقلت الأغنية لكمال الطويل ليقوم بتلحينها، ولكنها عانت نفس المصير عند كمال الطويل أيضا وظلت حبيسة الأدراج. وبعد ثلاث سنوات تقدم مرسى جميل إلى الإذاعة بكلمات أغنيته "أنا شفت جمال" وقبلها حسن الشجاعى مستشار الإذاعة وقتها، وأعطاها للموجى ليقوم بتلحينها، فقال "الموجى" وفقا لرواية البندارى بمقاله: "مطلع الأغنية مأخوذ من أغنية سابقة لشفيق كامل". وأرفق البندارى فى مقاله نص أغنية أحمد شفيق كامل، ولم يرفق أغنية مرسى جميل عزيز، ثم اختتم البندارى مقاله برأى مأمون الشناوى فى الموضوع، فقال مأمون: "كان ينبغى على الموجى أن ينبه مرسى جميل إلى أن مطلع هذه الأغنية سبق أن قاله شفيق كامل" وأضاف: "وأنا فى حكمى هذا.. لا أعفى الموجى ومرسى من تهمة التواطؤ معا" فى 11/11/1961 جاء رد مرسى جميل عزيز على صفحات أخبار اليوم عنيفا تحت عنوان.. "أغانى الشعراء.. وأغانى صبيان العوالم" سخر فيه مرسى من اتهام البندارى له بسرقة مطلع أغنية "أنا شفت جمال" قائلا أنه تعبير تلقائى سائد، ثم طعن فى موهبة مأمون الشناوى وتحداه أن يقف أمام لجنة تمتحنه فى أبسط قواعد الكتابة الفنية، واتهمه بسرقة أغنيتين. بعدها تحول إلى مهاجمة الأغنية المتهم بالسرقة منها طاعنا فى موهبة كاتبها متهما إياه بالتخبط فى بحور الشعر، وأرفق بمقاله كلمات الأغنيتين ليتمكن القارئ من المقارنة بينهما. فجاءت أغنية شفيق كامل كالتالى: قولوا للأجيال.. أنا شفت جمال/ أنا عشت معاه فى زمن واحد/ على أرض النور.. أرض الأحرار والحرية. أما أغنية مرسى جميل فكانت: أنا شفت جمال والنبى يامه.. أنا شفت جمال/ الدنيا احلوت قوى لما.. أنا شفت جمال. دافع مأمون الشناوى عن رأيه، مهاجما مرسى جميل فجاء فى مقال له: "قلت كلمة حق.. وهى أن مرسى جميل قطع رأس الأغنية الضخمة التى صور فيها المؤلف أحمد شفيق كامل أمجاد ثورتنا وكفاح بطلنا، ثم وضع "مرسى" لهذا الرأس جسما هزيلا نحيلا أعجف ينم عن هيئة مؤلفه". فى 18/11/1961 نشر البندارى مقالا جديدا يرد فيه على مرسى جميل بعنوان.. "حبك نار.. بتلومونى ليه.. يامه القمر على الباب.. الأغانى التى ألفها غيره واشتهرت باسمه" اتهم "البندارى" مرسى جميل بسرقة خمس أغنيات أخرى.. يامه القمر على الباب- حبك نار- فى يوم فى شهر فى سنة- بتلومونى ليه- يا أسمر يا جميل. وأرفق "البندارى" كلمات أغنية "يابا القمر القمر ع الباب" التى اتهم "مرسى" بسرقة أغنيته منها، فكتب فى مقاله: "يابا القمر ع الباب- نور قناديله/ أرد يابا الباب- ولا أناديله... فجاء سارق المفاتيح ونشال الأفكار من أدراج المكاتب وأجرى تعديلا بسيطا فيها وقدمها.. يا أما القمر ع الباب- نور قناديله/ يامه أرد الباب- ولا أناديله". ومضى البندارى فى الجزء الثانى من مقاله بعنوان.. "إنت وبس اللى حبيبى إنت وبس اللى حرامى".. يضيف المزيد من الأغنيات إلى قائمة الاتهام، ليصبح مجموع الأغانى المتهم مرسى بسرقتها 12 أغنية من أشهر مؤلفاته. بعد الجزء الثانى من مقال البندارى أرسل مرسى جميل إلى أخبار اليوم شيكا بمبلغ 500 جنيه، وطلب من الصحيفة عقد محاكمة علنية له، وأن ترسل مقالات البندارى إلى مجموعة من كبار النقاد والأدباء لاستطلاع آرائهم فى اتهامه بالسرقة، وانعقدت المحكمة بالفعل على صفحات أخبار اليوم بتاريخ 9/12/1961، وضمت هيئة المحكمة د. على الراعى- د. لويس عوض- د. عبدالقادر القط- د. محمد مندور والشاعر صلاح عبدالصبور. فند أعضاء المحكمة كل الأغنيات المتهم فيها مرسى بالسرقة، ومنها أغنية "إنت وبس" التى اتهم بسرقتها من شفيق كامل، فكانت أغنية شفيق تقول ( إنت وبس- روحى وقلبى/ عمرى وأملى- وكل نصيبى/ إنت وبس- إنت وبس اللى حبيبى) أما أغنية مرسى جميل (أنا قلبى إليك ميال- ومافيش غيرك ع البال/ إنت وبس اللى حبيبى- مهما يقولوا العزال) فقال د. محمد مندور: "إن الأغنيتين مختلفتين تمام الاختلاف". وبالمثل نظرت المحكمة كل الأغنيات التى اتهم مرسى بسرقتها، ثم انتهت فى قرارها إلى: "أولا يميل الرأى العام للنقاد إلى تبرئة مرسى جميل عزيز من تهمة السرقة فى عشر قصائد (أى أغنيات)، وهناك رأى آخر يميل إلى اتهامه بالاقتباس فى قصيدتين (أى أغنيتين) هما (يأبو رمش بيجرح) (ويامه القمر ع الباب)، ثانيا: يجمع النقاد تقريبا على أن موهبة مرسى جميل عزيز لا شك فيها، والذين يسلمون من النقاد بأن مرسى قد استعار شيئا من الآخرين هناك شبه إجماع على أن مرسى يتفوق على الذين أخذ منهم تفوقا كبيرا وملحوظا، ثالثا: قاموس الأغانى عندنا محدود، والكل يأخذ من التراث الشعبى، وهذا سبب كبير من أسباب التشابه والالتقاء بين المؤلفين."



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;