هل تتحول سوريا لنظام فيدرالى؟

هل تتحول سوريا لنظام فيدرالى؟.. لا أحد حتى الآن يمكنه الجزم بشكل سوريا فى المستقبل، هل ستبقى كما هى دولة واحدة، أم يطالها التقسيم، أم يكون هناك حل وسط باللجوء إلى نظام الدولة الفيدرالية؟ نحن أمام مواقف وتصريحات متناقضة للدول الفاعلة فى سوريا، فروسيا تقول إنه لا يحق لأحد، باستثناء الشعب السورى، تحديد مستقبل سوريا، بينما أكدت الولايات المتحدة على لسان مارك تونر، نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أن واشنطن تؤيد وحدة سوريا، فيما أكد النظام السورى على لسان بشار الجعفرى، رئيس وفد الحكومة السورية المشارك فى مفاوضات جنيف، أن «القاعدة التى يقوم عليها الحوار السورى السورى تمنع سيناريوهات مماثلة، فى إشارة إلى الفيدرالية، وما نبحثه هنا هو كيفية احترام الوحدة فى سوريا، وسيادة أراضيها»، ويؤكد رمزى عز الدين رمزى، نائب موفد الأمم المتحدة إلى سوريا دى ميستورا، بأن «موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن واضح، وكل السوريين الذين استمعنا إليهم هم مع وحدة سوريا، وهذا أمر واضح وقاطع ولا نقاش فيه، أما شكل سوريا فى المستقبل فهو ما سيقرره السوريون». هذه التصريحات تسير كلها فى اتجاه واحد، هو وحدة سوريا، لكن إذا تركنا التصريحات وانتقلنا إلى الوضع على الأرض، فسنجد الأمر مختلفًا، فهناك قوى سورية تعد نفسها لخيار الفيدرالية، ومنهم الأكراد، حيث أبدت أحزاب كردية نيتها إعلان النظام الفيدرالى فى المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وقال سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة فى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، إنهم يبحثون شكل النظام فى غرب كردستان وشمال سوريا، مؤكدًا أن جميع المقترحات الأولية تصب فى خانة الفيدرالية، وحدد المناطق المعنية بهذه الفيدرالية، وهى عبارة عن المقاطعات الكردية الثلاث «كوبانى، وعفرين، والجزيرة»، بالإضافة إلى المناطق التى سيطرت عليها مؤخرًا قوات سوريا الديمقراطية فى محافظتى الحسكة، وحلب. بالطبع الأكراد منذ فترة طويلة وهم يتعاملون على اعتبار أنهم يقومون بحكم المناطق التى يعيشون فيها حكمًا ذاتيًا، ويأملون فى اليوم الذى يحصلون على هذا الأمر بموافقة الجميع على غرار إقليم كردستان العراق، لكنهم يدركون أن منحهم إقليمًا خاصًا بهم فى سوريا لن يكون سهلاً، خاصة أن دولة مثل تركيا تريد القضاء على الأكراد، لكن المهم بالنسبة لنا الآن هو كيف يفكر العالم فى مستقبل سوريا، وهل تكون دعوات الأكراد هى مقدمة لخطر التقسيم؟ كيف نجنب سوريا التقسيم؟.. بالتأكيد ليس من الوارد أن ترحب دول إقليمية كبرى مثل مصر بمثل هذه الدعوات إلى تقسيم سوريا، أو تحويلها من دولة موحدة إلى نظام فيدرالى، لأن القاهرة ومعها عواصم عربية أخرى تركز منذ بداية الأزمة السورية على الحفاظ على وحدة الدولة السورية، لكن هل يكفى الموقف المصرى لنحافظ على سوريا موحدة؟ الموقف غاية فى الصعوبة، خاصة إذا كنا أمام جزء من المعارضة المدعومة من أطراف إقليمية تحاول إقناع الجميع بدولة فيدرالية فى سوريا كجزء من الحل للأزمة، وهم بذلك يتجاوزون كل أسس التفاوض المتعارف عليها فى مثل هذه الأزمات، فالقاعدة الأساسية تقول إن الذى يريد إحلال السلام يجب عليه دعم الهوية، لأن ظهور كيانات دولة جديدة أو ظهور تقسيمات على طول الحدود المذهبية لا يحقق الاستقرار ولا السلام، إنما يضع نواة لتفجير الدولة من الداخل.

هذه هى القاعدة الأساسية، لكن للأسف هناك من يلتف حولها، ويحاول تغيير دفة الحوار لتحقيق الهدف، وهو إما التقسيم أو الدولة الفيدرالية، وقد سبق أن واجهت المنطقة هذه الحالة بعد الدخول العسكرى الأمريكى للعراق فى 2003، حينما تعالت أصوات المطالبين بتقسيم العراق أو تحويلها لدولة فيدرالية، ولم تهدأ هذه الأصوات حتى الآن، وهى نفسها الأصوات التى تظهر بين الحين والآخر فى اليمن وليبيا، وكأن مصير الحل لكل أزماتنا يكمن فى التقسيم القائم على الطائفة أو المذهب، بعد تجاهل كل الأسس السياسية للحوار.

الحل يكمن فى إيجاد موقف عربى موحد للحفاظ على وحدة سوريا، وألا نترك مصير المفاوضات بيد روسيا والولايات المتحدة وحدهما، لأنه فى النهاية من الممكن أن يحدث تفاهم بينهما على توزيع مناطق النفوذ، وتكون سوريا هى الضحية الأولى، وبالتالى ليس أمام العرب إلا أن يتحدوا وأن يتنازلوا عن مشاكلهم الشخصية مع نظام بشار الأسد، وأن ينظروا للوضع فى سوريا بمحمل الجد، لأنه إذا سقطت سوريا فى مستنقع التقسيم أو الفيدرالية فإنها مقدمة لتقسيمات أخرى فى المنطقة لن تستثنى أحدًا، خاصة أن الدوافع كلها موجودة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;