هو ده المصرى!

المصيبة حصلت، وما أكثر مصائبنا، اعتدناها، من كل شكل ولون وتآلفنا مع الهم والحزن، أصبح بيننا وبين الغم و«كسرة النفس» عشرة وألفة، ووصل الأمر إلى أننا نخاف نفرح، حتى إذا فرحنا بالغلط، نعيط، ونقول: «خير اللهم اجعله خير».. حاول الرئيس السيسى منذ أن جاء رئيسا، أن يستنهض همة المصريين، ويستدعى المكامن الإيجابية فى الشخصية المصرية، ويكسر سلسلة الفقر والعجز وقلة الحيلة التى ألمت بقطاع كبير من المصريين عبر عقود، يكفيه ما فعله فى العشوائيات، شىء مشرف لا يصدر إلا عن رئيس بدرجة إنسان، ومن شعب جوهره ومعدنه ذهب. حادثة قطار محطة مصر قاتمة، شديدة السواد، موجعه لكل ذى قلب، قامت الدنيا، كما قامت كثيرا فى عشرات وربما مئات الحوادث فى سكك حديد مصر التى أصبحت مثل «أمنا الغولة» التى تلتهم كل فترة مجموعة من الضحايا، وتطيح بالوزير تلو الوزير، وتتسبب فى الإطاحة بكل من يجلس على كرسى الرئيس فى هذه المؤسسة العتيدة التى من المفترض أنها ثانى أقدم مؤسسة من نوعها على مستوى العالم. وسط هذا السواد الحالك، وهذا البكاء والنحيب، ومن رحم المأساة نكتشف وجها آخر للمصرى، غير هذا الوقح القمىء المغيب، فاقد الإحساس والمروءة الذى تسبب بإهماله وعدم إحساسه بالحد الأدنى من المسؤولية فى هذه الكارثة التى خلفت عشرات الضحايا بين شهداء ومصابين، وجهًا للمصرى الجدع ابن البلد الشهم الذى لا يتردد فى إنقاذ غيره، ولو عرض حياته للخطر، المصرى «اللى معدنه ذهب، ويساوى وزنه ذهب» وضميره حى ويقظ، المصرى اللى طول عمرنا بنتكلم عليه، المصرى «تريد مارك» علامة مسجلة، هى دى جينات المصرى الحقيقى، حتى لو كان فقيرا، أو غير متعلم، الأخلاق والتربية، والعفة، وعزة النفس، والمروءة، من شيم ولاد البلد الجدعان، الذين تقاطروا وتزاحموا طواعية أمام الهلال الأحمر من أجل التبرع بالدم لضحايا حادث القطار المفجع، لم يطلب منهم أحد ذلك، هبوا من تلقاء أنفسهم، واحتشدوا وتزاحموا للتبرع بالدم، وخلال عدة ساعات وصلت الثلاجات لطاقتها القصوى، ولم يعد هناك مكان لتخزين أكياس الدم، من كل الفصائل حتى النادرة منها، واضطرت إدارة الهلال لتهدئة المواطنين الذين أصروا على التبرع ونصحتهم بالتوجه إلى مستشفيات أخرى قريبة، ربما تحتاج إلى التبرع. وليد مرضى هو ده المصرى الذى قفز وسط النيران، حاملا الماء وراح يطفئ هو وزملاءه الأبطال: أحمد سعد ومحمد عبدالرحمن ومحمد رمضان، العشرات ممن أمسكت بهم النيران بعد انفجار خزان جرار الموت.. هؤلاء هم الذين نريد أن نستنسخهم فى كل مصلحة، ونراهم فى كل مكان.. لا نريد أمثال الشاب الذى راح يأخذ «سيلفى» مع الدمار، والدماء الساخنة لم تجف، والدموع من حوله أنهار. ذهب د. هشام عرفات، وزير النقل، كما ذهب من قبله خمسة وزراء فى أعقاب كوارث قطارات شبيهة، ولن يكون الوزير الأخير الذى يقال أو «يستقال» إذا استمرت الأوضاع، التى أعرف أنها تتغير تغيرا جذريا منذ فترة بتجديد شامل وحقيقى للمرفق، ولكن لابد من وقفة أهم وأسرع مع العنصر البشرى الذى تفاقمت فيه صفات «الأنامالية» والاتكالية والإهمال وربما البلادة وعدم الإحساس، لابد من «نفضة» يقوم بها وزير جديد، يضرب بيد من حديد على أمثال هذا السائق الذى تسبب ببلادته واستهتاره، فى سقوط كل تلك الضحايا. لابد من وقفة مع هذا النبت الشيطانى، الذى يتسبب دائما فى وقوع كوارث مروعة على الطرق السريعة، وفى عرض البحر، وفى نهر النيل، ستجد وراء كل كارثة مروعة شخصا مهملا مغيبا، تساهل فى القيام بعمله، فكان الفاعل الحقيقى للكارثة. إذا كنا نخوض معركة الشرف مع الإرهاب، محتسبين صابرين، ونحن على ثقة فى نصر الله، فماذا نفعل مع عدو ربما أكثر شراسة، يأكل الأخضر واليابس؟ هذه هى المعركة الحقيقية.. معركة إعادة بناء الإنسان المصرى.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;