مظاهرات إيران.. الاقتصاد والداخل والخارج وثمن النفوذ فى المتاهة الإقليمية

الاقتصاد هو عنوان الاحتجاجات التى تشهدها إيران، مثلما هو عنوان لمظاهرات عربية لبنان والعراق أو لاتينية شيلى وبوليفيا، وأيضا مظاهرات فرنسا التى تجددت، مع الاختلاف اقتصاديا وسياسيا بين دولة وأخرى. والمفارقة أن مظاهرات لبنان والعراق، موجهة فى جزء منها إلى إيران، بشكل غير مباشر فى لبنان، وحزب الله أحد الأطراف التى توجهت إليها المظاهرات ضمن التركيبة الطائفية والسياسية التى يعلن المتظاهرون تمردهم عليها.. وبشكل مباشر يتوجه متظاهرو العراق إلى النظام الطائفى ويطالبون بالدولة والاستقلال والهتافات ضد إيران واضحة، واللافت للنظر أن مستشار الرئيس الإيرانى فى تعليقه على مظاهرات الوقود قال عن إيران ليست العراق أو لبنان. بالرغم من التشابه فى أسباب المظاهرات، حيث كان رفع الأسعار عاملا مشتركا فى الموجة الحالية من التظاهرات، ولكن العراق يبدو الأمر أكثر تعقيدا، فهناك شباب خرج ليطالب بتغيير شامل فى النظام الطائفى الذى فرضته الولايات المتحدة بعد غزو العراق، حيث تم تفكيك المؤسسات الأمنية والسياسية من دون بدائل وإحلال نظام طائفى لم يكن موجودا فى العراق حتى فى العهد الملكى. كانت إيران هى الرابح الأول من غزو العراق، حيث تخلصت من خصم قوى، وسيطرت على المؤسسات والسلطة فى العراق. أيضا دخل النظام الإيرانى فى صدام مع الولايات المتحدة الأمريكية فى أعقاب إلغاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للاتفاق النووى مع طهران، وتبادل الطرفان التهديدات من دون الوصول لصدام، لكن تم فرض عقوبات اقتصادية على إيران من الولايات المتحدة، أثرت على الاقتصاد الإيرانى، وربما السلطات الإيرانية راهنت على أن الشعب الإيرانى وهو يحتشد فى مواجهة أمريكا ربما يتقبل قرارات اقتصادية صعبة، وتم اتخاذ قرار رفع أسعار الوقود لتعويض جزء من خسائر الأزمة الاقتصادية، وتجاهلت السلطات أن الإيرانيين سبق وخرجوا فى مظاهرات قبل شهور، وأن الموجة الجديدة للاحتجاجات تنتقل بالعدوى فى عالم متداخل ومرتبط بشبكات افتراضية وتواصلية وإخبارية. إيران لديها سياسة خارجية متشابكة ومتداخلة فى أكثر من صراع إقليمى، فى سوريا والعراق ولبنان واليمن، وبالطبع فإن امتلاك النفوذ له ثمن يتم سداده من الاقتصاد الإيرانى، ويسبب استنزافا للموارد والإمكانات، بالرغم من أن إيران دولة غنية بالنفط والموارد، إلا أن التحركات الإقليمية لاشك تكلف الخزانة الكثير بجانب تأثيرات العقوبات الاقتصادية، مما يضاعف من الإنفاق الخارجى ويضاعف من تكاليف التحركات الإقليمية والاحتفاظ بالنفوذ، وكل هذا ينعكس على حياة المواطنين، وظهر فى انفجار المتظاهرين بعد إعلان رفع أسعار الوقود، ولا يتوقع أن يكون قرار رفع أسعار الوقود كافيا لامتصاص الغضب، ويتوقع أن تتواصل المظاهرات، خاصة وأنها شهدت شعارات سياسية مضادة للنظام ومرشد الثورة والرئيس والمرجعيات الدينية، وتم حرق صورهم، بما يشير إلى كسر هيبة النظام، مع وجود مظاهر كثيرة للأزمة الاقتصادية، ويصعب استبعاد العوامل الاقتصادية والفقر والبطالة، من أسباب الغضب العالمية، ومع إضافة الاحتجاجات فى العراق ضد تدخلات إيران، فإن الأمر قد يتجاوز مظاهرات محدودة ليمتد إلى موجات قد تكون أكثر عنفا من جانب السلطات وأيضا من جانب المتظاهرين، خاصة وقد شهد اليوم الأول عمليات حرق لبنوك ومنشآت وسيارات للشرطة، ومقتل أكثر من 12 متظاهرا ومئات الجرحى، ويتوقع حال استمرار المظاهرات أن تستخدم السلطات عنفا أكبر بما يشعل ردود أفعال تولد عنفا، وفى حين يتجه البرلمان وجزء من السلطة للتراجع عن رفع أسعار الوقود فإن هناك تيارا يرى أن التراجع يشجع على المزيد من التظاهر. مستشار الرئيس الإيرانى حسام الدين آشنا، قال إن إيران ليست العراق أو لبنان، والسفارة الأمريكية فى طهران مغلقة منذ سنوات، ويتهم من يسميهم «انتهازيو الداخل والخارج» ووسائل إعلام بالمبالغة، بالرغم من أن إيران من الدول التى تمول الكثير من أجهزة الإعلام والصحف فى دول عربية وأجنبية، ضمن تحركاتها لدعم سياساتها ونفوذها، لكن الاختلاف فى التوجهات من شأنه أن يضع السلطات فى إيران فى متاهة من المواقف التى قد تنهى الأزمة أو تضاعف منها حال تم تجاهل التحولات التى تجرى إقليميا ودوليا.



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;