لست أدرى ما هو السبب وراء ذلك الإصرار المتعمد من بعض المعارضين المتآمرين على البلاد، ومحاولة الزج بها علنا إلى دوامة من العنف، قد تؤدى بها إلى نفق مظلم قد لا تعود منه إلى الأبد على الرغم من أنهم جميعا على علم تام بمدى المؤامرات التى تتعرض لها البلاد من الداخل والخارج، وأن أى سقوط أو اهتزاز آخر لها فى ظل هذه المؤامرات، والوهن الذى أصابها طوال السنوات الماضي ، قد يؤدى إلى كارثة قد تعصف بالجميع.
فلا أدرى بأى منطق، يمكن لمعارض وطنى الإقدام علنا على تحريض رئيس دولة أجنبية على عدم التعاون مع بلاده، أو مدها بالسلاح، أو توقيع أى اتفاقيات من أى نوع معها، تحت دعوى أن النظام الحاكم يجهض الحريات، ولا يحترم حقوق الإنسان، وهو ما فعله عدد من المعارضين خلال اجتماعهم الأخير مع الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند.
ولا أدرى بأى عقل يمكن لمعارض وطنى التحريض على دعوات - لا منطقية - للتظاهر والدعوة لإسقاط الدولة، اعتراضا على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، على الرغم من أن الاتفاقية لم تعرض أو يناقشها أو يقرها مجلس النواب، ولم يقدم النظام أى مستنداتها تثبت أو تنفى مدى مصداقيته فيها، ولا يستطيع أى منهم أو غيرهم أن يقطع باليقين بتبعية الجزيرتين لأى من الدولتين، لأنه لا أحد من الصحفيين أو الإعلاميين أو النشطاء يمتلك أو اطلع يقينا على وثائق تؤكد أو تنفى هذا الأمر، وإن كل المعلومات التى تواترت حول تبعية الجزيرتين كانت جميعها اجتهادات من البعض على مواقع التواصل الاجتماعى.
فى الوقت الذى كفر فيه هؤلاء دون منطق، بكل ما جاء على لسان عدد من القامات والرموز الوطنية والسياسية والعلمية، فى شهاداتهم بحق الجزيرتين، أمثال الدكتور مفيد شهاب والدكتور فاروق الباز وسامى شرف وهدى عبد الناصر والدكتور عاصم الدسوقى، وما ورد فى مؤلفات محمد حسنين هيكل، وجمال حمدان، الذين أكدوا جميعا سعودية الجزيرتين، على الرغم من أن هؤلاء المعارضين كانوا يقدسون كل ما يخرج على لسان هؤلاء ويعتبرون ما يرد عنهم (مراجع) يستشهدون بها قبل تلك الواقعة، وهو ما يضع كثيرا من علامات الاستفهام حول تصرفاتهم، ودعواتهم للتظاهرات وإسقاط البلاد.
أؤكد هذا على الرغم من أننى هنا لست بصدد الدفاع عن النظام، الذى أؤكد أنه أخفق بالفعل حتى الآن فى التصدى لبعض الملفات، وحمل المواطن الفقير الكثير من الأعباء، خاصة فيما يتعلق بأسعار السلع والخدمات الأساسية، وعصف بجهل بنحو 30% من دخل المواطن المصرى بشكل غير مباشر، بما أقدم عليه من الخطوة الفاشلة لتعويم للجنية المصرى.
ورغم هذا فأننى أؤكد على الانحياز إلى (الكيان) الذى يضم الجميع أيا كان طبيعة النظام الذى يحكمه، وأن ألف باء المعارضة الوطنية تحتم الدخول فى حوار جاد وحقيقى مع النظام حول كل الملفات التى تختلف فيها وجهات النظر، وليس التآمر على الكيان وإسقاطه، والاستجابة لحملات إلكترونية منظمة تمولها قوى بعينها داخل وخارج مصر، لشحن الجميع ضد الدولة والنظام، عبر بث العشرات من الأخبار الكاذبة التى استهدفت الوقيعة بين النظام والشعب، وبين قيادات النظام بعضها البعض.
تعقلوا، وتمهلوا، وانحازوا إلى مصر يرحمكم الله، قبل أن يأتى يوم تبكون فيه على ما اقترفت أيديكم فى حق هذا الوطن، ويكون قد مضى زمن البكاء.