لا حياد فى قضايا الوطن

قد يعد الحياد فضيلة يتحلى بها المرء عند وجود نزاع بين طرفين أو أطراف لهم من الفضل والقرب والمكانة قدر واحد، أو عندما يكون الحق والباطل ملتبسين غير واضحين، حينئذ يكون الانتصار لطرف على حساب طرف أمرا ممقوتا، ويكون الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف محققا للعدل والإنصاف، أما عندما يكون الحق واضحا بينا والباطل كذلك، فليس من العدل ولا الإنصاف ولا من الديانة الوقوف بين الطرفين أى بين الحق والباطل على مسافة واحدة، فإذا كان صاحب الحق هو الوطن الذى يتوجب علينا الدفاع عنه بأرواحنا ودمائنا وبكل ما نملك - فكل ما يبذل فداء للوطن هين رخيص - وكان الباطل دولا معادية أو جماعات إرهابية تستبيح أرض الوطن وأرواح الشعب كان الحياد فى هذه الحالة من أبشع وأخس المواقف التى يتخذها الإنسان، فليس الوقوف على الحياد بين الحق والباطل أو بين الوطن وأعدائه فضيلة بأى حال من الأحوال، بل هو خيانة صريحة لا مواربة فيها. نقول هذا لأننا لاحظنا أن بعض مرضى النفوس وضعفاء العقول قد برروا خذلانهم للدولة المصرية فى حربها على الإرهاب وتطهير مصر من الجماعات الظلامية التى أرادت تدمير وعى المصريين وجرفهم إلى هوة سحيقة من الصراعات الدموية والنزاعات الطائفية، بأنهم على الحياد لا ينتصرون لهذا ولا لذاك، وكأن هذه الجماعات لم تكفر المجتمع وتقتل خيرة أبنائه وتفجر منشآته، وكأن هذه الجماعات لم تنشر فكر التكفير والحاكمية ونادوا بجاهلية المجتمعات منذ قرون عديدة، وكأنهم لم يعملوا على تدمير الاقتصاد المصرى وتعطيل عجلة التنمية والإنتاج حتى يبدوا أنهم على الحق، وأن المصريين ضائعون تائهون دون حكم هذه الفئة الضالة، وكأن هذه الجماعات لم تقم بحرق عشرات الكنائس لإخواننا فى الوطن عندما اتخذ الشعب المصرى بكل أطيافه قرارا لا رجعة فيه بإقصائهم إقصاء دستوريا لا شبهة فيه، فكيف التبس على مدعى الحياد باطل هؤلاء الخوارج بالحق الناصع المبين الذى عليه الدولة المصرية والشعب المصرى والقيادة المصرية؟ كيف سوغوا لأنفسهم خيانة وطنهم ودينهم فى وقت كان الوطن فيه أحوج ما يكون لمشاركة كل مصرى حر شريف لمقاومة هذه الهجمة الخارجية على وطننا مصر، كيف ساغت لهم هذه الخيانة وقد اكتملت خيوط المؤامرة وظهرت على أوضح ما يكون بعدما استعانت هذه الجماعات بدول معادية وأصبحوا عملاء صرحاء وخنجرا فى ظهر الوطن، إن دعوى الحياد الزائفة الكاذبة ليست إلا مناصرة صريحة واضحة لأعداء مصر سواء أكانوا دولا وأجهزة استخبارات أو كانوا جماعات ظلامية مدعومة بالمال والسلاح لتدمير بنية هذا الوطن وإيقاف مسيرة تنميته ورخائه، لقد امتلك الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكمة والشجاعة التى جعلته يتخذ القرارات المناسبة فى الأوقات المناسبة، وقد لاقى دعما وتأييدا كبيرا من كل أطياف الشعب المصرى الذى يحب وطنه، لكن كانت هناك شرذمة قليلة التبس عليهم الأمر وفرقوا تفريقا قبيحا بين الوطن وبين الدولة المصرية، فى حين أن الوطن والدولة متلازمان تلازما تاما، فالدولة والوطن وجهان لعملة واحدة، لقد لبس الشيطان على هؤلاء وأوهمهم أن ارتداء مسوح البطولة الوهمية الزائفة بمناكفتهم للدولة المصرية بلا داع ولا مسوغ وبمعارضتهم لها فى وقت الأزمات معارضة لا عقل لها ولا مبدأ ولا غاية إلا «خالف تعرف أو خلقنا لنعترض»، ليست ضد مصلحة الوطن، وهذا وهم واضح البطلان لا يقره دين ولا عقل، ولو فكر الجنود على الجبهة أو ضباط الشرطة الذين يواجهون الموت ليل نهار بنفس منطق مدعى الحياد والعقلانية والوقوف الكاذب على مسافة واحدة من الوطن وأعدائه، لو فكر حماة الوطن بنفس هذا المنطق المريض لضاع الوطن ولتمكنت جماعات الإرهاب من السيطرة على مقدرات الوطن فى الوقت الذى ما زال هذا المحايد يحسب مع مَن أقف مع الوطن أو مع أعداء الوطن؟، إن جنودنا البواسل لا يفكرون وهم يقاتلون فى سبيل الله إلا فى الدفاع عن الوطن ولا يتوهمون ولو للحظة واحدة إلا أن الوطن على الحق وأعداء الوطن على الباطل المبين، والواجب علينا كمفكرين وعلماء وأفراد ومؤسسات أن نعتبر أنفسنا جنودا وحماة لهذا الوطن، كل منا على ثغر من ثغوره، والخيانة كل الخيانة أن ينفذ للوطن من خلال تردد فكر وارتعاش يد أو تباطؤ خطى صاحبها ما زال يتفلسف ويسأل هل الوطن هو الدولة؟ إن علماء المنهج الوسطى هم الكتيبة الفكرية الحامية لوسطية هذا الدين ضد الجماعات الإرهابية ويجب أن يكون موقفهم «أفراد ومؤسسات» واضحا صريحا لا لبس فيه ولا غموض ولا ثغرة تنفذ منها هذه الجماعات الضالة حتى توهم الناس أن بعض العلماء والمفكرين قد وقف منها ومن الدولة موقف الحياد، وإن العهد والميثاق الذى أخذه الله على أهل العلم فى كتاب الله وسنة رسول الله يوجب عليهم ألا يدعموا هذه الجماعات الخارجية والدول المعادية بصمت يشى بالموافقة والإقرار لما تقوم به هذه الجماعات الإرهابية، وإن كل قطرة دم طاهرة بريئة تسال على أرض مصر من العمليات الإرهابية أو على جبهات القتال إنما هى أمام الله تعالى مسؤولية من سكت عن الحق ودعم الباطل بحياده أو بالأحرى بخيانته.



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;