ألمانيا وروسيا.. هل تكون برلين كلمة السر مجددا؟

في اللحظة التي سقط فيها حائط برلين، وتوحدت فيها الألمانيتين، في نهاية الثمانينات من القرن الماضى، أدرك العالم أن نهاية الاتحاد السوفيتى قد حانت، وإن تأخرت لسنوات قليلة، وهو ما يعنى نهاية النظام الدولى القائم آنذاك، والذى تشارك فيه القوى الشيوعية مع الولايات المتحدة قيادة النظام الدولى، ليتحول العالم نحو حقبة الهيمنة الأمريكية المنفردة، والتي تولت فيها واشنطن القيادة الدولية، باعتبارها القوى الرئيسية في "المعسكر الغربى"، والذى تجلى بعد ذلك في الاتحاد الأوروبى، والداعم الأكبر لأوروبا الغربية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لتتحول ألمانيا إلى أحد أهم الأرقام في معادلة القيادة الأمريكية للعالم. الأهمية الكبيرة التي حظت بها ألمانيا، تجلت بوضوح في حرص الولايات المتحدة على توطيد علاقتها بها، باعتبارها "كلمة السر" في الهيمنة المنفردة، لتتصاعد تدريجيا، وتحل برلين في نهاية المطاف محل القوى الرئيسية في القارة العجوز، وعلى رأسها بريطانيا، وهو الأمر الذى أدركته رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر، والتي تلقب بـ"المرأة الحديدية"، منذ اللحظة الأولى، حيث سعت إلى منع انهيار الاتحاد السوفيتى، عبر الوساطة بين رئيسه ميخائيل جورباتشوف، والرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، وذلك بالرغم من تاريخها المعروف بمناوئة الشيوعية السوفيتية. موقف تاتشر، والداعم لبقاء الاتحاد السوفيتى، يمثل قراءة دقيقة للمستقبل، حيث أنها أدركت، منذ سقوط حائط برلين بأن المستقبل، في ظل الهيمنة الأمريكية المنفردة، سيكون لصالح ألمانيا، على حساب بلادها، حيث حرصت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى وضعها في مكانة "القائد" الفعلى لأوروبا، على حساب القوى الأوروبية القديمة، وهو الأمر الذى وصل إلى الذروة في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما والذى جمعته علاقة استثنائية بالمستشارة أنجيلا ميركل، دفعته إلى قيادة القارة العجوز، في التصديق على الرؤى الأمريكية وتنفيذها في مختلف القضايا الدولية، من بينها القيام بدور بارز فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران. ولعل الموقف من روسيا، كان بمثابة أحد أبرز المشتركات، التي سعت فيها إدارة أوباما لتجنيد ألمانيا، من أجل محاصرة موسكو، وهو ما تجلى في قيادة العقوبات الأوروبية، على خلفية المسألة الأوكرانية، على سبيل المثال، حيث كانت ميركل بمثابة رأس حربة في كافة المحاولات التي كانت تهدف في الأساس للضغط على موسكو، من أجل التراجع عن ضم شبه جزيرة القرم، ولكن باءت كلها في نهاية المطاف بالفشل. وهنا يصبح تغير الموقف الألماني من جديد، عبر التقارب مع روسيا، أحد أهم النقاط الفارقة في المرحلة الراهنة، وهو ما بدا بوضوح فى الرفض القاطع من قبل الحكومة الألمانية، لفكرة التخلي عن مشروع "السيل الشمالى"، في ظل حاجة برلين الملحة للاستفادة من التعاون مع موسكو، في ضوء العديد من المعطيات، أبرزها ضرورة الاعتماد على بدائل للحليف الأمريكي، وذلك بعد سنوات التوتر التي شهدتها العلاقة بين البلدين، خلال سنوات الرئيس السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض. يبدو أن ألمانيا ستصبح أحد أهم نقاط التحول نحو نظام عالمى جديد في المرحلة المقبلة، بعدما كانت كذلك قبل أكثر من 3 عقود من الزمان، عندما سقط حائط برلين، ليكون الشكل الجديد في العلاقة مع موسكو، بداية لحقبة أكثر تعددية، سواء من ناحية التحالفات الجديدة لأوروبا، من جانب، أو من حيث القيادة الدولية، في ظل واقع جديد تمكنت فيها قوى جديدة من تسطير اسمها، بقوة في المشهد الدولى، ومزاحمة واشنطن على القمة.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;