الفرصة لمن يبحث عنها

لا تتحرك الأمم خطوة واحدة للأمام إلا بالجهد والعمل، ولا يطرق التقدم باب مجتمع إلا إذا كان دستوره السعى والإنتاج، لذلك ننظر دائماً إلى تجارب الأمم بانبهار وشغف، نتحدث عنهم، ونطمح لما لديهم، دون أن نقدم شيئاً، فنحن ننقل المعادلة دون أن نعرف براهينها وكيف جاءت أرقامها وتحولت معها الشعوب من الظلام إلى النهضة. الكل يقارن ويضع تصورات وسيناريوهات لماذا لا نصبح مثل الدولة الفلانية؟ لماذا لا يحصل العامل على الأجر الأعلى كما فى ألمانيا؟ لماذا لا نعرف القلاع الصناعية العملاقة مثل اليابان وكوريا الجنوبية؟ لماذا لا تصبح شوارعنا منظمة؟ وهكذا عشرات الأسئلة التى يظن أصحابها أن الإجابة عليها مثار إحراج أو انتقاص من قدر مصر، لكن الحقيقة مصر أكبر وأقدر منا جميعاً. الإجابة ببساطة أننا دائماً ما نفضل الطرق السهلة، والأرض الممهدة، فلا نجيد العمل فى صمت، ونبحث عن الثراء السريع والمكسب الحائر، والصفقات الساخنة، دون أن نكترث لأى تبعات سلبية، نلوم المجتمع والدولة والمسئولين على ظروفنا الشخصية، وكم من شاب يندب حظه ويجلس فى منزله ينتظر الفرصة، دون إدراك أن الفرصة لمن يبحث عنها، ويسعى من أجلها، بل كلنا يهوى الإدارة ولا يفهمها، ومع ذلك نحب أن نصبح جميعاً مدراء، ليس لأى شيء سوى أننا نرغب فى تجاوز فكرة العمل بمفهوم خاطئ ومشوه مفاده أن المدير لا يعمل، ليس له موعد للحضور أو الانصراف، يمنح ويمنع، مع أن هذه نوادر لا تعرفها المجتمعات التى نتشدق بها ونجعل من تجاربها مضربا للأمثال. العامل فى الخارج يحاسب بالدقيقة، وتخصم من راتبه، إذا تأخر عن مواعيده، بينما فى مجتمعنا لا نعرف حسابات الدقائق إلا فى موعد الانصراف، فإذا جاءت الثالثة انصرف الجميع، بينما فى الحضور كل له مواعيد، وكل له ظروف، وكل له عادات، فلان عريس جديد، وفلانه مخطوبة من شهرين، وعلانة زوجها مريض، وترتانة لديها أطفال فى المدارس.. وهكذا، فكلنا يتذكر ظروفه ومشكلاته فى أوقات العمل، بل نتفنن فى عرضها وإبرازها بصورة تفوق كل التوقعات. لا نتوقف عن الشكوى، ولا نقتصد فى الحديث عن خبراتنا وقدراتنا فى حين أن ما نقدمه أقل من العادى، لكن على مؤسساتنا وشركاتنا ومصانعنا أن ترضى بما نصنع ونقدم، بل وتشيد بجودته حتى وإن غابت، لكن يبقى لنا الحق دائما فى التأفف من ضعف الراتب، والشكوى من ضيق الحال، وغياب التقدير، وسوء المعاملة، والعبارة الشهيرة التى نجيدها جميعاً: "على أد فلوسهم". المواطن الصينى يعمل 12 ساعة يومياً، على مدار 6 أيام فى الأسبوع، لذلك على الرغم من أن التعداد السكانى للصين 1.4 مليار نسمة، لا تعانى مشكلة سكانية، بل صار سكانها قوة بشرية كبيرة، جعلتها رقماً فريداً فى معادلة القوى العالمية، وضلعا أساسياً فى اقتصاد الكرة الأرضية، لأن الكل يعمل دون ضجر، يسعى دون أعذار، يبذل ويقدم دون أن ينتظر عطية من أحد، فهكذا تتقدم الأمم.. حتى نلتمس طريقنا نحو النجاح، علينا أولاً أن نعلق مشكلاتنا على أنفسنا، ونجتهد ونسعى لحلها، فأنت من تصنع نهضتك أو تعاستك، عليك فقط أن تضع أمامك منظومة قيم ولا تسمح أن تتآكل مع مرور الوقت أو تغير الأحوال..



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;