خلاص قربنا من محطة النهاية.. دلوقت بنسمع والله لسه بدرى بدرى يا شهر الصيام.. مع إننا يا أخى كنا من يومين بس بنسمع مرحب شهر الصوم.
فى حياتنا كدة دايما فى شخصيات بتيجى مرة واحدة بس، يمر فى الدنيا دى مرورا سريعا بس مش عابر بيسيب ألف علامة وعلامة وألف أثر وأثر، ويمشى وتقعد بقى أنت سنين طويلة تستنى نسخة جديدة منه متلاقيش، واحد من الشخصيات دى هو صالح سليم.. المايسترو.. أسطورة عالم الكورة والإدارة فى مصر من سنين طويلة ولحد دلوقت وغالبًا لحد سنين كتير قدام كمان.
عارف لما تبقى بتتكلم مع شوية رجالة فى شوارع مصر وتيجى سيرة شخص استثنائى كدة مش سهل يتكرر وتلاقى واحد من اللى قاعدين.. اتحمق كدة، وعروقه نطت وتخن صوته وقال: ده ولد مجبتهوش ولادة ..أهو الكلمتين دول مخصوص تحسهم اتعملوا عشان صالح سليم.
المايسترو اللى نجح فى كل شىء، فى الملعب وبرة الملعب، حتى لما اشتغل فى التمثيل ساب أثر وعلامة وكان عارف قيمة نفسه.. ما هو رحم الله امرئ عرف قدر نفسه فساب التمثيل، وقالك أنا مش موهوب وشاطر غير فى الكورة.
اللى ياخد القرار ده شخص استثنائى راجل صاحب كلمة عارف يعنى إيه إدارة، وعارف يعنى إيه مصر.. وتبقى كلمته زى السيف وهو ده الخير فى حد ذاته.
شوف يا سيدى.. فى أيامه الأخيرة كان صالح سليم متعود يسافر لندن كتير يطمن على صحته وفى سنة 98 كان عنده زيارة وكان معاه حفيدته، راح على الدكتور وعمل الفحوصات والتحاليل وكان فى شكوك حوالين إصابته بمرض خطير، خلص ورجع لحفيدته وقاعد مستنى نتيجة التحاليل الطبية.
الحفيدة قالت لجدها صالح سليم، عاوزة أورح آكل فى محل معين، ونفسى أدخل السينما معاك يا جدو.. السينما ميعادها 8 بليل وميعاد التحاليل الساعة 7.. تعمل إيه يا صالح فى القلق والتوتر ده؟ ياخد القرار ويقولها نعدى نجيب التحاليل وبعدين نروح السينما.. تفرح البنت إن جدها هيعملها اللى بتحبه.
المهم جت الساعة 7.. طلع صالح سليم عند الدكتور وساب حفيدته فى العربية واستلم نتيجة التحاليل اكتشف إنه مصاب بسرطان وفى مرحلة خطيرة ولازم نبدأ خطة علاج فورا، الدكتور بيقوله اقعد عشان نشرح هنعمل إيه؟ فجأة يلاقى صالح سليم بيقوله.. معلهش ممكن نأجل كلامنا لبكرة؟ أنا عندى دلوقت ميعاد مهم جدا.. الدكتور يتعصب ويقوله ما فيش ميعاد أهم من صحتك.. ميعاد إيه ده؟ قاله رايح أتعشى مع حفيدتى وندخل السينما الدكتور اتصدم.. وصالح قاله هعدى عليك بكرة الصبح.
راح صالح لحفيدته وخرجوا واتبسطوا ونفذ وعده للبنت وتانى يوم الصبح راحل للدكتور زى ما وعده.. شوف بقى الدكتور قاله إيه؟ قاله أنا كنت مراهن نفسى إنك مش راجع لأن اللى فى حالتك مبيرجعوش بيعيشوا مع اليأس.. فرد صالح بكلمته الشهيرة اللى كانت دستوره طول الوقت وهو بيدير النادى الأهلى.. ما فيش سبب واحد يخلى راجل حقيقى يخلف وعده إلا الموت.
ده ملخص عظمة صالح سليم، إنه كان صاحب كلمته وكمان قدها، النظام والعدل قبل كل شىء، بس فى نفس الوقت للإنسانية اعتبارات أخرى وده اللى حصل فى قصة نهائى الأهلى والإسماعيلى.. فى مرة كان فى ماتش نهائى كأس مصر بين الأهلى والإسماعيلى والماتش كان هيتلعب فى القاهرة، فجأة كلمة إبراهيم عثمان رئيس نادى الإسماعيلى قاله عاوزين نغير ميعاد الماتش من بليل للعصر.. الكابتن صالح رد وقاله بس ده ميعاد متحدد.. وإيه سر التغيير يعنى؟ قاله جمهور الإسماعيلى هيتبهدل وهو راجع بليل. يرضيك الإسماعيلاوية يتبهدلوا ..فورا قاله ادينى دقايق وكلم ثابت البطل مدير الكورة فى الوقت ده وغيروا ميعاد الماتش وبقى العصر.. وهو ده صالح سليم.. الراجل اللى عرف إن الكلمة خير، والوعد خير.. فقررت جماهير مصر إنها تخلد وجوده إلى الأبد.