رحلة صعود محمد صلاح (3).. نداهة بازل تخطف ابن نجريج من الزمالك والأهلى

فى المقالين السابقين، انطلقنا مع نجمنا العالمى محمد صلاح المحترف فى صفوف ليفربول الإنجليزى من محطة نجريج مسقط رأسه إلى الوصول إلى اللعب داخل صفوف المقاولون العرب والتألق معه حتى دخل دائرة اهتمامات الأهلى والزمالك. (المحطة الثالثة) فى محطة اليوم، نستكمل قصة محمد صلاح مع التألق مع منتخب الشباب ثم المنتخب الأولمبى فى أولمبياد 2012، حتى جاءت المحطة الأهم فى حياته وهى الانتقال إلى بازل السويسرى، خصوصا أنها كانت بمنزلة نقطة تحول فى تغيير مساره من لاعب محلى إلى طريق الاحتراف الحقيقى. بداية محمد صلاح فى اللعب مع المنتخبات الوطنية جاءت من خلال مشاركته مع منتخب الشباب فى بطولة كأس العالم للشباب عام 2011، مع أبناء جيله أحمد الشناوى وعمر جابر وأحمد حجازى ومحمد الننى وغيرهم، وخرجوا من دور الـ16 لهذه البطولة على يد الأرجنتين. وفى حديث سابق جمعنى مع الكابتن ضياء السيد المدرب العام للمنتخب الوطنى الأول،والذى كان يتولى تدريب محمد صلاح فى منتخب الشباب خلال تلك الفترة، قال:"لاحظت خلال فترة تدريبى لصلاح مع منتخب الشباب أن هناك العديد من الأمور التى تعكس مدى شخصيته داخل وخارج الملعب، ومنها التزامه وحرصه الدائم على التعلم، فقد كنت اعتمد عليه ومعه الثنائى محمد حمدى زكى وعمر جابر فى المثلث الهجومى، ولم يلعب فقط فى مركز الجناح الأيمن، حيث كنت أمنحهم حرية الحركة، وهو ما كان يمنحه فرصة لتسجيل أهداف كثيرة". ويحكى السيد عن كواليس مشاركة محمد صلاح تحت إشرافه فى كأس أفريقيا للشباب عام 2011 بجنوب أفريقيا، قائلا:"أتذكر أن صلاح ذهب إلى غرفته عقب الفوز على جنوب أفريقيا وتأخر عن النزول إلى بهو الفندق لتناول وجبة العشاء، فذهبت إليه وعرفت منه أنه حزين بسبب كثرة الانفرادات التى أضاعها خلال هذه المباراة، فقلت له وقتها إن الحالة التى يمر بها حالياً ظاهرة صحية يجب استغلالها للتعويض فيما هو قادم والتدريب بشكل أقوى للتغلب على هذه الإشكالية، وبعدها نزل معى وجلس مع زملائه على طاولة العشاء، لكن بينى وبين نفسى تأكدت أنه سيكون له باع كبير فى الملاعب، لأنه من نوعية اللاعبين التى تحاسب نفسها أولاً بأول". ويضيف السيد:"حرصت فى أول مران باليوم التالى لهذه المباراة على الانفراد بصلاح وتدريبه على الانفرادات من الجناحين، كما حرصت على متابعة زملائه لهذه الحصة التدريبية من أجل تشجيعه، وبالفعل فوجئت بعدها بمدى الاستجابة الكبيرة من جانبه لهذه التعليمات". عقب التألق اللافت للنظر لمحمد صلاح فى هذا الموسم مع المقاولون ومنتخب الشباب، رشح بعض المحبين لنادى الزمالك إمكانية التفاوض من أجل التعاقد معه، وكان وقتها حسن شحاتة هو الذى يتولى مهمة تدريب الفريق الأبيض، وبالفعل بدأ بعض المنتمين للزمالك يحاولون «جس نبض» اللاعب الذى أبدى ترحيبه، وأكد أنه ينتظر الدخول فى مفاوضات رسمية مع ناديه لحسم الصفقة. لكن ممدوح عباس رئيس القلعة البيضاء وقتها كان له رأى آخر، إذ قال، وفقاً لفيديو مسجل له موجود على «يوتيوب»، ونشرته وسائل الإعلام خلال هذه المرحلة: "أرى أن صلاح لا يصلح للعب داخل الزمالك حالياً، لأنه لاعب يميل إلى اللعب الفردى ولن يفيد الفريق كثيراً، وأرى أن محمد الننى زميله بالفريق أفضل منه بمراحل وسنتفاوض معه". محمد صلاح نفسه تحدث عن هذه الواقعة خلال تصريحات إعلامية سابقة قائلا:"بالفعل كنت على وشك الانتقال إلى الزمالك، إلا أننى فوجئت بتوقف المفاوضات بناء على رغبة مسؤولى القلعة البيضاء الذين رفضوا ضمى فى نهاية الأمر، وشعرت بالحزن حينها لأن أى لاعب بكل تأكيد يتمنى اللعب سواء للزمالك أو الأهلى، فهو حلم مشروع للجميع". وقتها دخل محمد صلاح دائرة اهتمام الأهلى، وهو ما تحدث عن اللاعب أيضًا قائلاً: "بالفعل تلقيت أنباء عن وجود رغبة فى القلعة الحمراء للتفاوض من أجل ضمى أيضاً، وذلك بناء على رغبة مانويل جوزيه المدير الفنى السابق للأهلى، الذى أبدى إعجابه بقدراتى الفنية والبدنية، حينما رآنى على الطبيعة خلال مباراة الفريقين، إلا أن المفاوضات لن ترتقى للمستوى الرسمى، ووقفت عند هذه المحطة لظروف توقف النشاط الكروى حينها". أحلام محمد صلاح لم تتوقف عند محطة فشل انتقاله إلى الزمالك أو الأهلى، فقد لعب القدر معه دورا كبيرا فى رسم مشواره المقبل عقب تجمد النشاط الكروى فى مصر مؤقتاً. لابد من أن شيئًا فى مشوار صلاح الصغير مع المقاولون العرب هو الذى صنع بدايته الكروية بتلك الطريقة، شىء ما يجمع بين المهارة والاجتهاد والتوفيق، شىء ما انتبه إليه نادى بازل السويسرى الذى بدأ يراقبه من أجل التعاقد معه، فمنحه فرصة العمر ورشحه ليظهر فى أول إطلالة للاحتراف الأوروبى، وجعله يغيّر مسار خطواته. كان هانى رمزى نجم الفراعنة السابق يشغل منصب المدير الفنى للمنتخب الأولمبى قبل أولمبياد 2012، وقام بضم محمد صلاح بعد رؤية السرعة الفائقة والمهارة التى يتمتع بها خلال ظهوره مع المقاولون العرب فى الدورى. وفى مباراة ودية جمعت بين المنتخب الأولمبى المصرى مع نادى بازل السويسرى، كانت العيون تترقب صلاح فى هذه الليلة، وخلال حديث جمع هانى رمزى مع بعض مسؤولى النادى السويسرى، أبدوا إعجابهم الشديد باللاعب وقالوا: «سنتعاقد معه حاليا وبعد عامين فقط، سوف نبيعه لأكبر الأندية الأوروبية». تحدثت مع المهندس شريف حبيب، رئيس نادى المقاولون العرب الأسبق عن تلك الفترة، بوصفه أحد الشهود إلى انطلاقة نجمنا العالمى نحو الإحتراف، فقال: "بعد تألق محمد صلاح مع المقاولون بدأ يفكر جديا فى الاحتراف الخارجى، وكان يظن وقتها أن النادى من الممكن أن يقف فى وجهه ويمنع رحيله، فطلبت من الصبر وسوف يحقق كل أحلامه، وتحدثت معه بشكل مستفيض فى فكرة الاحتراف بحد ذاتها، وأكدت له أنه إذا أراد خوض تلك التجربة عليه أن يضع تجارب مثل صامويل إيتو ودروجبا أمام عينه، فلابد أن يسعى إلى اللعب فى أكبر الأندية الأوروبية". ويستكمل حبيب كلامه قائلاً: سألت محمد صلاح عندما جاء عرضا من بازل السويسرى لضمه، عن رأيه، وجاء رده حاسما بأنه يرغب فى خوض التجربة ولم يهتم وقتها بأى تفاصيل مادية شملها عقده. "وافقت على الانتقال على بازل مباشرة بعد استشارة والدى والذى رحب أيضاً، خصوصا أننى رأيت وقتها أنها فرصة جيدة لإبراز قدراتى نحو الوصول إلى العالمية، كما أننى أحلم منذ الصغر أن ألعب فى أوروبا".. هذا ما قاله محمد صلاح فى تصريحات إعلامية سابقة عن هذه الفترة الزمنية. ويضيف رئيس المقاولون الأسبق قائلا: "بالفعل أرسل بازل كشافا لمراقبة محمد صلاح، وفور اقتناع مسؤوليه بقدراته، وزارنا وفد من النادى السويسرى وعقدنا جلسة معهم استمرت نحو 9 ساعات تم فيها الاتفاق على كل الأمور المادية وبنود التعاقد، وفضلنا عدم الإعلان عن أى تفاصيل لوسائل الإعلام سواء فى مصر أو سويسرا حفاظًا على السرية، حتى تم توقيع العقود فى إبريل 2012 مقابل مليونى يورو مع وجود بند فى العقد بحصولنا على نسبة من عائد بيعه مستقبلاً لأى نادٍ، بالإضافة إلى أننى وضعت شروط أخرى للحصول على عوائد مادية عن نسبة تهديفه أو حال الحصول على الدورى أو المشاركة بأبطال أوروبا، لدرجة أن مسؤولى بازل فى أحاديث بيننا فيما بعد استغربوا من موافقتهم على تلك الشروط". ويكشف حبيب قائلا: "قبل توقيع محمد صلاح للنادى السويسرى عرض أحد الأندية الكويتية الكبيرة حصول المقاولون على ضعف القيمة المادية التى تم بها بيع صلاح لبازل، إلا أننا رفضنا وقتها، لأنه مثلما قلت سابقا هدفنا السماح للاعبينا بخوض تجربة الاحتراف الأوروبى من أجل صناعة نجوم عالميين، بالإضافة إلى علمى بأن اللاعب نفسه لن يوافق بسبب رغبته فى اللعب بأوروبا". ثم جاءت محطة المنتخب الأولمبى ، فمع انطلاق الأولمبياد كانت هناك حالة من التناغم والانسجام بين محمد صلاح والجهاز الفنى وكل اللاعبين، وهو ما أضفى جوا جميلا داخل صفوف الفريق، وذكاء صلاح تجسد فى هذه المرحلة بعد الاستماع إلى نصائح الجميع. من المواقف البطولية لمحمد صلاح فى الأولمبياد، والتى أكدت مدى عشقه لبلده وأنه يسير فى طريقه للنجومية والاحتراف الحقيقى، حينما شعر بقلق كبير قبل مواجهة البرازيل بسبب شكواه من إصابة طفيفة فى الركبة وتحدث مع هانى رمزى وأكد له أن إدارة بازل تطالبه بعدم اللعب خوفاً عليه، لكن بعد إجراء الأشعة والتأكد من أن الإصابة لا تستدعى غيابه، لعب لكنه كان حريصا جدا حتى لا تتفاقم الإصابة، لكن ذلك لم يمنعه من التألق أمام نجوم السامبا. "فترة اللعب فى أولمبياد لندن 2012 مع المنتخب الأولمبى لا يمكن أنساها، لأنها كانت تذكرة معرفة الجمهور بكل انتماءاته سواء أهلى أو زمالك، فمن الصعب أن تجد لاعبا خارج القطبين يتمتع بتشجيعهما".. هذا ما قاله محمد صلاح فى حوارات سابقة مع بعض القنوات الفضائية عن تلك الفترة تحديدًا. كان قدر محمد صلاح أن يبدأ مشواره الاحترافى خلال هذا التوقيت فى ظل هذه الأجواء التى شهدت فيها الكرة المصرية حالة من الركود لتوقف النشاط، وعموماً فإن تلك الفترة بإيجابياتها وسلبياتها، هى الفترة الحقيقية التى شكلت وجدان ابن نجريج، فقد جاء موعد بداية تجربة جديدة مع بازل السويسرى بعد انتهاء مباريات أولمبياد لندن. "كنت خائفا جدا حينما ركبت الطائرة للسفر إلى سويسرا، ويدور فى ذهنى أسئلة كثيرة حول كيفية التغلب على عامل اللغة، حيث إننى كنت لا أتحدث سوى اللغة العربية فقط، بالإضافة إلى مدى قدرتى على التغلب على مشقة الغربة"، هذا ما قاله صلاح عند الحديث عن تلك الفترة. كل الظروف كانت تخدم صلاح خلال هذه الفترة، فقد زميله فى المقاولون محمد الننى إلى بازل هو الآخر،مما دفعه معنوية بكل تأكيد لاستكمال المهمة وراء نداهة أحلامه التى كانت تناجيه فى فضاء أوسع داخل بلاد أوروبا، والتغلب على الغربة القاسية والإصرار على نجاح تجربته،خصوصا أن هناك تجارب للاعبين مصريين سابقين كانوا يحاولون تغيير جلدهم بعد الاحتراف، وهو ما أثر عليهم وعادوا بخفى حنين، عقب الفشل والتأقلم مع المعيشة أو تعلم اللغتين الإنجليزية والألمانية والفرنسية، وكان بالفعل يستجيب للتعليمات والآراء بشكل مميز ويتحلى بروح قتالية ولديه ثبات انفعالى وقدرة على عدم الاستسلام لأى يأس أو إحباط.. ومازال فى الحكاية بقية



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;