غياب الاحتراف الحقيقى عن استنساخ تجربة محمد صلاح

«استنساخ تجربة محمد صلاح».. من حين لآخر نسمع البعض يردد هذه المقولة، في شغف كبير للبحث عن لاعبين جدد من مصر يستطيعون السير على نفس درب نجمنا العالمى المحترف في صفوف ليفربول، بعد أن نجح بفضل تألقه اللافت للنظر في الدورى الإنجليزي، ما وضعه في مصاف أفضل اللاعبين بالعالم خلال الفترة الأخيرة، لكننا على أرض الواقع لم نحدد أليات واضحة من أجل صناعة أجيال منذ الصغر. العالم أجمع حاليًا يعتمد على أهمية وجود الكشاف الجيد للمواهب الناشئة فى كرة القدم، كخطوة أولى لصناعة منتج مميز من أجل اللحاق بقطار تطور عالم الساحرة المستديرة، إلا أننا هنا فى مكان بعيد جدًا عن منتخبات أهل الغرب، وحتى لا نظل نبكى على «اللبن المسكوب» وتعليق شماعات الفشل على حجج واهية، مثلما يروج الكثير منا على «السوشيال ميديا»، أعتقد أن الأفضل على مسؤولي الكرة المصرية، وطبعا اتحاد الكرة هو المسؤول الأول عن ذلك، باعتبار الأب الشرعى للمنظومة الكروية، وضع خطة مرسومة من أجل صناعة منتج كروى مميز مثل تجربة محمد صلاح. هنا نطرح سؤالاً مهمًا: كيف نستطيع صناعة أكثر من لاعب للوصول إلى العالمية وتحقيق إنجازات على طريقة محمد صلاح؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أن يعترف المسؤولون عن كرة القدم بأن هناك تقصيرا شديدا حدث طوال الفترة الماضية فى كيفية صناعة نجوم منذ الصغر بنظام احترافى كامل، مثلما يحدث فى أوروبا، بدلاً من انتظار هدايا القدر بظهور موهبة تستطيع شق طريقها بنفسها، فلا بد أن يتعلم المسؤولون من تجربة صلاح الكثير، لأنه تحدى كل الصعاب والسنوات الفائتة من عمره، واستطاع ركب قطار الاحتراف، واجتهد والتزم لتحقيق أهدافه بمجهوده الفردى حتى وصل لما وصل إليه حاليًا. بكل تأكيد أن أول أسباب الفشل التى يجب التصدى لها بقوة من مسؤولى كرة القدم هى مواجهة الواسطة والمحسوبية فى قطاعات الناشئين بكل الأندية، حتى تظهر المواهب الحقيقية فى ملاعبنا، وهذا يحتاج بالتأكيد إلى أعين الخبير الجيد الذى يستطيع اكتشاف تلك المواهب من قلب كل شبر فى ربوع المحروسة. وكما يقولون «فاقد الشىء لا يعطيه».. فإن معظم مدربى الناشئين فى المنتخبات الوطنية والأندية، ليسوا مؤهلين لتحقيق الهدف المنشود، لأن كما قلنا الواسطة هي السمة السائدة عند اختيار هؤلاء، ويوجد القليل فقط الذين يتمتعون بالمؤهلات والعلم لكنهم في كثير من الأحيان يكونوا بعيدين عن المشهد. إذن فإنه على المسؤولين عن الرياضة أن يحددوا خارطة طريق للنهوض بكرة القدم المصرية تعتمد فى الأساس على الثقافة والعلم قبل الموهبة، هنا مثلًا نفترض أن الواسطة والمحسوبية اندثرت من عالم الساحرة المستديرة عندنا، وبدأنا نكتشف المواهب الصغيرة الحقيقية فى القرى والمدن بجميع المحافظات، ويتم إسناد مهام تدريب المنتخبات للأكفاء، فماذا بعد؟.. بكل التأكيد الوضع سيختلف كثيرًا. كما أن هناك عدة عوامل رئيسية لابد من توافرها فى المدربين الحاليين على رأسها الثقافة الرياضية، وتعلم كيفية صناعة لاعب كرة بمواصفات عالمية، حيث إنه يجب أن يكون المدرب واللاعب على قدر كبير من الوعى والثقافة ومتابعة كل ما هو جديد فى الشأن الرياضى، فمثلًا نحن نفتقد الإعداد البدنى الجيد ولا نستفيد من العلوم الرياضية الحديثة مثل علم النفس الرياضى، حتى وإن اتبعنا هذه الخطوات يكون كنوع من الكماليات وليس للالتزام والحرص على الأداء الجيد. الطبيعي حاليًا أن أى مدرب لابد أن يعتمد على عدة عوامل أساسية، أهمها العامل البدنى والتغذية الصحيحة والتهيئة النفسية، ثم يأتى بعد ذلك الإعداد المهارى، لأن العلم الكروى الحديث يقول: «الموهبة فى المرتبة الأخيرة».. فهنا فى بلدنا مثلًا كثير من اللاعبين يتميزون بمهارة عالية لكنهم لا يستطيعون مواصلة اللعب بسبب كثرة الإصابات التى يتعرضون لها لافتقادهم للمهارة البدنية، وهذا يعنى أنهم لم يحصلوا على إعداد بدنى يتكافأ مع الإعداد المهارى لهم، إذن نحن نفتقد إلى التخطيط السليم. من أهم الملفات أيضًا إقناع الأندية الكبيرة مثل الأهلى والزمالك بإنكار الذات، وترك الناشئين يحترفون مبكرًا، لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، كما يقولون، خصوصًا أن ذلك سيقودنا إلى الاستثمار الكروى الحقيقى والوصول إلى الاحترافية وتنفيذها على أرض الواقع. هنا أرى أيضًا أنه يجب زيادة جرعة الاهتمام الرياضي بالمدارس الابتدائية والإعدادية والأندية الصغيرة والساحات والمراكز الشعبية لاسيما بعد تجريف مساحات الملاعب منها في أوقات سابقة، وتحويلها من مراكز لبناء النشء بدنيًا ورياضيًا إلى أنشطة أخرى ليس لها علاقة بممارسة الرياضة، فى الوقت الذى ارتفعت فيه قيمة اشتراكات النوادى الرياضية الكبرى، مما أدى إلى الفشل الذريع فى هذا المجال. خلاصة القول: إذا نجحنا فى استنساخ تجربة محمد صلاح، بكل تأكيد سنحقق أهدافًا كثيرة فى مرمى نجاح الاستثمار الرياضي وصناعة منتخب قوي قادر على منافسة المنتخبات العالمية في المناسبات الكبرى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;