و بما أن ظاهرتي التحرش و التنمر بالبشر قد فاقتا الحدود ، فما هما إلا انعكاس لحالة المجتمع الأخلاقية و خرجت عن كل قواعد الأخلاق و الدين و التقاليد و الأعراف التي لم يعد الكثير يعرف عنها إلا القليل .
	
	فكما نعلم و تعلمنا أنه كلما ارتقت الأخلاق بمجتمع كلما زادت درجة رقيه و تحضره و العكس صحيح،
	
	فلم يمر يوماً علي قضية بسنت ضحية التنمر التي ما زلنا ننتظر القصاص العادل لما وقع عليها من ظلم جراء تفشي ظاهرة التنمر و الإبتزاز و التلفيق ببيئة اجتماعية تجردت من مشاعر الرحمة و الإنسانية و تجلت بها القسوة في أبهي صورها ، ما دفع بفتاة صغيرة للإنتحار كالسبيل الوحيد للخلاص من جحيم حياة لا ترحم ،
	
	حتي وقعت حادثة تنمر و تحرش إلكتروني وفقاً لموضة العصر بالمدرسة التي فقدت أسرتها و طلقها زوجها و فقدت وظيفتها لمجرد أنها مارست سلوكاً طبيعياً مألوفاً بمثل هذه المناسبات الخاصة كالرحلات محاولة الإستمتاع بالرحلة المدرسية وسط الزملاء و التلاميذ بعفوية دون أدني سلوك مشين أو تجاوز يستدعي ما تعرضت له من عقاب أسري و مجتمعي شديد القسوة ، أبعد ما يكون عن العدل لمجرد أن صورها أحدهم و نشر مقطع لها ترقص برحلتها التي أودت بحياتها و مستقبلها كما لو كانت ارتكبت أبشع الجرائم و أقام عليها الحد مجتمع ظالم لا يرحم .
	
	{و أخيراً و لعله يكون آخراً} :
	
	هذا الذئب البشري المريض المحسوب علي فئة رجال الأعمال و طبقة الأثرياء ، و الذي اتخذ من فعل الخير ظاهرة و ارتكب الفاحشة بباطنه ،
	
	فتجرد من كل مشاعر الرحمة و الشفقة ناهيك عن الأخلاق التي لم تكن يوماً بإهتماماته ،
	
	ليصبح نموذجاً جلياً للشذوذ و المرض النفسي فيبحث بملذات الحياة التي اغترف منها حتي الإمتلاء الذي يصاحبه الملل عن متعة مفقودة لا تحققها له متع الدنيا الطبيعية ، ليؤسس ملاجئ للأيتام يجمع بهم كماً من الفتيات و يعتبرهن ملك يمينه ، فيقضي يومين أو ثلاث بغرفته بهذا الملجأ ليتحرش بهن و يهددهن و يعيث فساداً بمكان من المفترض أنه للخير ،
	
	لكنه بحقيقة الأمر "خير يراد به شر "
	
	
	
	نهاية :
	
	فما نعلم عنه بعد أن أصبح معلن أقل كثيراً عن ما ليس لنا به علم و ما زال بعلم الله ،
	
	فلا سبيل لتطهير المجتمع من هذه الموبيقات التي غرق بها إلا بإحياء الأخلاق من جديد، و تعليمها للأجيال الجديدة التي لا تعلم عنها الكثير بالمدارس و الجامعات و وسائل الإعلام و الأعمال الدرامية والخطابات الدينية كما تعلمناها و تعلمها من سبقونا بهذه المنابر المختلفة و بشكل طبيعي تشكل بها وعينا و تفتحت مداركنا و تغذت أسماعنا و أبصارنا و أذواقنا بكل ما هو طيب و جميل بطرق مباشرة و أخري غير مباشرة ،
	
	و ما نال من المجتمع بعقدين أو ثلاثة من فساد ذوقي و تدني خلقي و ديني و تعليمي و فني يستلزم تكثيف الجهود و تكاتف كافة المنابر المؤثرة بخطة شاملة هدفها الأوحد هو إعادة إحياء الأخلاق و الإرتقاء بالأذواق و الاعتدال الديني و التطور التعليمي ،
	
	لعلنا ننجو ببلادنا من عدو أكثر شراسة من الارهاب و هو التجرد من الإنسانية و انعدام الأخلاق .