هل تدق طبول الحرب الثالثة؟

" إشارات واضحة و أخرى مبهمة، توقعات و استعدادات و تربصات هنا و هناك، تصريحات متعددة المعانى لقادة و ساسة الدول الغربية على رأسها أمريكا، تكهنات و استنتاجات و ضخ أسلحة و وساطات، و ما زالت الصورة مشوشة باهتة يشوبها الغموض، لتترك العالم يترقب ما هو قادم على صفيح ساخن" فمن ناحية الرئيس الروسى الذى يقيم الاستعدادات الكاملة لحرب مرتقبة، فقد أصدر مرسوم اعتراف باستقلال دونيستك و لوجانسك الشعبيتين شرق أوكرانيا ذلك بعد أن صرح بغضبه على دول الناتو التى تمد أوكرانيا بالأسلحة و الذخائر الحديثة ، ثم رد أوكرانى سريع بتشريع قانون للدفاع عن النفس و حق المدنيين بحمل السلاح، كما توعدت الخارجية البريطانية روسيا باستخدام ثقلها الإقتصادى لعقوبتها و جعلها تشعر بالألم ، وفى الوقت نفسه، طالب ويلينسكى بتحركات أقوى من قادة العالم، وأضاف فى مؤتمر مينونيخ أن البنية الامنية للعالم هشة وعفا عليها الزمن، واتهم الحكومات بالأنانية والغطرسة والاسترضاء، وحث قادة الغرب على فرض عقوبات على روسيا. و أيضاً تحذيرات ألمانيا والنمسا لمواطنيها بمغادرة أوكرانيا، و إلغاء شركة لوفتهانزا الألمانية للطيران رحلاتها إلى العاصمة كييف وإلى أوديسا الواقعة على البحر الأسود. و أخيراً و لن يكون آخراً، فهناك مستجدات من ساعة لأخري: تحذيرات وزير الدفاع الأمريكى من أن أوكرانيا قد تشهد "كمية ملحوظة من القوة القتالية تتحرك سريعًا للغاية لاحتلال كييف" إذا قررت روسيا غزو البلاد، و تهديد بايدن بعقوبات سريعه لروسيا عقب إعلانها استقلال هاتين الدولتين عن أوكرانيا. فهذا الجدل الدائر هنا وهناك، و هذه التوقعات والإستنتاجات والتنبؤات باحتمالية وقوع حرب عالمية ثالثة نسمع من على بعد دقات طبولها التى تقتحم آذاننا من آنٍ لآخر ولا نعلم هل هى أصوات حقيقية أم أنها أضغاث أحلام! ولكن السؤال الأهم هنا والأولى بالطرح قبل أن نستعرض المسببات والدوافع التى قد تودى بالعالم إلى حرب ثالثة (هل يحتمل العالم أوزار حرب جديدة؟) هل سيعيد التاريخ نفسه مرة أخرى قاهرًا كل التعهدات والتأكيدات والالتزام الذى ألزمت به الدول التى نالها من الدمار والخراب بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية نفسها بانقضاء عصر الحروب المباشرة التى تأذت منها البشرية أذى عظيم؟ فبالرغم من تخلى الدول الكبرى عن فكرة الاستعمار التى كانت مدعاة للتفاخر والتباهى فيما بينهم والسعى للفوز باستعمار أكبر عدد من الدول من قِبل كل دولة لتتفوق على غيرها بما تمتلك من أراضى وخيرات الغير، إلا أن الهدف ما زال قائمًا متغلغلاً فى النوايا والأنفس ! فقد استعاضت الدول الاستعمارية عن فكرة الاحتلال المباشر وراحت تبحث عن أشكال جديدة للتدخل والسيطرة عن بعد ' فقد تغيرت موازين القوى فى العالم مرات ومرات على مدار التاريخ فمثلاً كانت الإمبراطورية اليونانية تعتلى عرش القوة والنفوذ ولكن سرعان ماتهاوت وحلت محلها الإمبراطورية الرومانية، ثم كانت الدولتان العظمتان فى القدم هما إسبانيا والبرتغال، و بعد أن دار الزمن دورته فلم تعد دولاً عظمى وآل اللقب لإنجلترا وفرنسا اللتين تربعتا على العرش زمنًا طويلاً احتلتا فيه نصف العالم واستنزفتا خيراته ! وبعد الحرب العالمية الثانية تغيرت الصورة وبدأ نجم دولتين عظمتين تتنافسا على قيادة الأرض وهما أمريكا والاتحاد السوفيتى، وما دار بينهما من حروب باردة انتهت بسقوط الاتحاد السوفيتى لتجد أمريكا نفسها متربعة بمفردها على عرش القوة بلا منازع ! وكان هذا الانفراد بالنفوذ مدعاة للتعجرف والتدخل السافر فى شئون الغير والتحكم فى مصائر الدول بمحرك ودافع أساسى هو المصلحة فحسب. فما لا يتوقعه هؤلاء المتغطرسين أن التاريخ يعيد نفسه وأن الأيام دول، وها نحن نشاهد بأعيننا ما قرأناه وتعلمناه فى كتب التاريخ دون أن نعاصره ! هل يتوارى الضمير الإنسانى ويتنحى جانبًا ليترك البشر عرضة للدمار من جديد بعد هيروشيما وناجازاكى وبيرل هاربر وغيرها من تبعات الحروب التى أنهكت العالم؟ هل يحتمل العالم حربًا جديدة فى ظل كل هذا التقدم والتطور فى كل أشكال وأنواع الأسلحة وعلى رأسها السلاح النووى؟ هل ستكون منطقتنا العربية مسرحًا لحرب جديدة بين القوى الكبرى التى تصارع بعضها البعض على فرض النفوذ واستعراض العضلات على حساب دول لم تعد تحتمل فقد فاضت بما أصابها من ويلات التفكك والانهيار والحروب الأهلية والطائفية والتنظيمات الإرهابية التى تم تصديرها وتمويلها من تلك الدول الكبرى حسب المخطط المرسوم؟ هل سيدفع الوطن العربى مزيدًا من فواتير الدمار لصالح صراعات الدول التى لا يعنيها إلا استنفاد خيراته واللعب بمقدراته؟ بنى أُمتى: ألم يكن فى الاتحاد قوة؟ ألم تكن الوحدة بين بلدان المنطقة خيرًا لنا جميعًا كى لا نتحول إلى أوراق كوتشينة تتناقلها أيادى اللاعبين من ذوى السطوة والنفوذ كيفما تشاء؟ نهاية؛ لعلنا نتدارك أخطاءنا ونعيد حساباتنا قبل أن تقرع الدول الكبرى طبول حروبها على أراضينا، ونحن من سنسدد فواتيرها.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;