"نزاهة الجُبن" مصطلح قد يبدو للوهلة الأولى غير مألوف للعامة، لكنه مصطلح فى غاية الأهمية والدقة، ويفسر كثيرا مما نراه يوميا وبأشكال متعددة، والمصطلح فى جوهره الأساسى يعنى أن هناك أشخاصا لديهم من الجبن والخوف والقلق فى تنفيذ مسئولياتهم، إلى درجة الادعاء بأن عدم تنفيذ أمر ما هو نزاهة شخصية من الفرد، وبمعنى آخر حينما يخاف موظف ما فى أى مصلحة حكومية من التوقيع على ورقة بادعاء أنه يبتعد بنفسه عن الشبهات، وهو فى حقيقة الأمر شخص جبان تسببت تراتبية الترقى أن يتواجد فى موقع مسئولية أكبر منه، وهذا الموظف الذى لا نضع له حسبانا قد يكون معرقلا لإجراءات تقيد مستقبل أسرة، أو تؤثر فى مستقبل بلد، وعليك أن تفهم أكثر بأن الورقة ذاتها التى رفض توقيعها هو بنفسه سيمضيها بعد أن تكون تواصلت مع فلان وفلان.
ونزاهة الجبن هنا لا علاقة لها بتفسير موقف شخصى على الإطلاق، أو مقترنًا بفكرة الموظف كمثال يمكننا فهم المصطلح منه، لكنه مصطلحا يعيش بيننا فى الحياة العامة بكل تفاعلاتها، فكثير من الشخصيات ترفض أن تتخذ مواقف فى حياتها وترتضى أن تعيش فى ثوب "الشخصيات الباهتة"، ويشعرون براحتهم فى تلك المناطق الرمادية، تحت مزاعم أن ذلك نزاهة وترفع عن الأخطاء، لكنها فى الحقيقة هى جبن مجسد فى أشخاص، وذلك الجبن هو عنصر مدمر لكل وسائل التطوير والتحديث، وبالتالى فكل إجراء تلبسه الجبن، هو إجراء معطل ومؤثر فى كل المستويات، وكل مزاعم الفضيلة والبعد عن الشبهات، هى مزاعم لا تليق مع فلسفة الجمهورية الجديدة، التى تقتحم الملفات بكل جرأة وقوة، حتى أن رئيس الجمهورية ذاته صرح فى أكثر من لقاء أنه يتخذ الإجراء الصعب بنفسه ويعلنه للناس رغم نصائح المقربين منه بالابتعاد عنه، وهو هنا يتمتع بالمصطلح المضاد، وهو نزاهة الثقة، فهو شخص قادر على اتخاذ الإجراء متى رآه صحيحا، وبشكل متجرد تماما، حتى لو كان تأثير ذلك على شعبيته، لكنه كما يردد الرئيس دائما، فالوطن أبقى من الجميع، لذلك فهو شخص نزيه تنبع نزاهته من ثقته فى قوة قراره.