تحدثنا في مقال سابق عن ظاهرة مؤسفة، ألا وهى ظاهرة الشهادات الوهمية أو ما يُسمى ببزنس الألقاب بعد أن أصبح من السهل الحصول على لقب دكتور أو مستشار أو مُحكم دولى أو صحفى، وأكدنا أنها بمثابة جريمة نصب مكتملة الأركان سواء من المانح أو الممنوح، لأنه في ظل انتشار هذه الظاهرة تعاظمت وكثرت الشخصيات الفهلوية التي لا تمتلك أى إمكانيات حقيقية، لكنها تتبع أسلوب قائم على خطف كلمة من هنا وجملة من هناك أو حفظ معلومة عابرة أو التقاط صورة مع مسئول أو رمز من رموز المجتمع، أو الاحتفاظ بشهادة تكريم من هنا أو هناك، وتحاول تسويق ذلك خلال تعاملاتها اليومية.
بل الخطورة، أن تلك الشخصية الفهلوية الحاملة لكارنيه مضروب مجرد أن تنجح في كسب أرضية أو استمالة أحد أو التأثير في موقف تبدأ على الفور باستغلال هذا وتوظفه لصالحها وللترويج لنفسها ثقافيا ومعرفيا واجتماعيا بل تصنع منه مهنة دون دراسة أو علم، مهنة وهمية قائمة على إقناع دوائره الوظيفية أو المعيشية على أرض الواقع وذلك من خلال تكوين شبكة علاقات وتربيطات اجتماعية تكفل "للفهلوة" عملها.
وتسعى تلك الشخصية الحاملة للكانريه المضروب أو الشهادة الوهمية إلى تأسيس مناخ مناسب لازدهارها، فنجد أنفسنا أمام أشخاص يمارسون مهن دون تخصص أو مؤسسية أو دراسة أو حتى تعلم، وأمام أشخاص أصبحوا محل ثقة وتقدير بين الناس، يستشارون في أمور جسام، وكأنهم علماء وخبراء وحكماء، ويُصفون بالقيادات الطبيعية، وهم في الحقيقة اشخاص يعتمدون على الفهلوة متسلحين بشهادات وهمية لا وجود لها أصلا على أرض الواقع، فلك أنت تتخيل حجم الخطر؟
فليس من المنطق ولا من الحكمة أن نترك هؤلاء يواصلون زيفهم وخداعهم، لذا علينا اليقظة والانتباه تجاه اتساع ظاهرة "الفهلوة" ومجابهة بيزنس الألقاب والكيانات الوهمية التي تمنح شهادات مقابل حفنة أموال، خاصة في ظل التساهل في تقدير الكفاءات وتقييم الأشخاص وفقا لمعايير قائمة على التخصص والمصداقية..