لماذا لا يتمهل محافظ البنك المركزى؟

لماذا لا يتمهل محافظ البنك المركزى؟.. فى العالم كله أى كلمة تصدر عن محافظى البنك المركزى قادرة على تحويل دفة اقتصاد الدولة، لذلك فإن تصريحاتهم دائماً موزونة بميزان حساس جداً، لذلك تجدها قليلة وربما نادرة، فقد تمر أشهر دون أن تسمع أو ترى تصريحاً لمحافظ بنك مركزى، لأن الأساس عندهم أن السكوت من ذهب.

هذا بالتأكيد أمر طبيعى لارتباطه بالسياسات النقدية للدول التى تتأثر بأى تصريح سلباً أو إيجاباً، لكن ما بالنا إذا كنا أمام محافظ بنك مركزى لا يكثر من تصريحاته فقط، وإنما تراها متناقضة مع بعضها البعض، والنتيجة أن هناك حالة من الارتباك الشديد تسود السياسة النقدية للدولة، وعدم توقع لما سيكون عليه الحال بعد ساعات وليس أيام أو أشهر.

أتحدث عن السيد طارق عامر، محافظ البنك المركزى، الذى استبشرنا به خيراً حينما اختير محافظاً للبنك المركزى، لخبراته الطويلة فى البنوك والتعامل مع الأزمات مثل تلك التى تعانى منها مصر حالياً فى توفير العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار، لكن للأسف الشديد الرجل اعتاد، مؤخراً، على الخروج بتصريحات جريئة وقرارات صعبة، لكن لا تمر ساعات إلا ونرى نفياً لها من المحافظ نفسه، أو على الأقل توضيحاً للقرار يفرغه من مضمونه والهدف الذى صدر من أجله.

حدث ذلك على الأقل مرتين خلال الأسبوع الماضى، مما زاد من التكنهات فى سوق المال بأن البنك المركزى فى طريقه لخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكى، خاصة بعدما قال: «لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة، وإن انخفاض الجنيه له إيجابيات لتنمية الصادرات».

جميعاً رأينا القرار الذى أصدره البنك المركزى المصرى وتضمن تعليمات خاصة للبنوك العاملة فى السوق المحلية، بقصر استخدام بطاقات الخصم والبطاقات المدفوعة مقدما المصدرة من البنوك المحلية، داخل مصر فقط، على ألا يتم استخدامها خارج مصر، وذلك للبطاقات الصادرة على حسابات بالجنيه المصرى، لكن محافظ البنك المركزى سرعان ما نفى صدور مثل هذا القرار، وحينما نشر الزميل أحمد يعقوب مسؤول قطاع البنوك فى «انفراد» صورة رسمية من هذا القرار، تراجع البنك عن النفى، وأصدر بيانا توضيحياً قال فيه: «إنه بالإشارة إلى التعليمات الصادرة عن البنك المركزى المصرى بخصوص تنظيم استخدام العمل ببطاقات الخصم الصادرة بالعملة المحلية خارج البلاد، يؤكد البنك المركزى المصرى أن التعليمات الصادرة تتعلق فقط بالأفراد الذين يسيئون استخدام بطاقات الخصم فى الحصول على مبالغ كبيرة من العملة الأجنبية دون وجود غرض واضح لهذا الاستخدام وبما يستنفد موارد البنوك من العملة الأجنبية دون وجه حق، ووجه البنك المركزى المصرى البنوك نحو دراسة استخدامات البطاقات طرفها للفترة السابقة بعناية وعدم إيقاف بطاقات تستخدم بأسلوبها المعتاد، وذلك لتفادى إيقاف معاملات الأفراد وبطاقاتهم بدون داعٍ، وأكد البنك المركزى المصرى استمرار العمل بجميع البطاقات القائمة سواء الخصم، أو الائتمان دون تغيير فى ضوء التعليمات المقررة من كل بنك».

وقبل ذلك نشرت وكالة «رويترز» عن وزيرة بالمجموعة الاقتصادية لم تكشف عن اسمها أن مصر ماضية فى طريق المفاوضات مع صندوق النقد الدولى على قرض بقيمة 5 مليارات دولار، ورغم أن المعلومة مؤكدة، فإن محافظ البنك المركزى أصدر بيانا نفى فيه ذلك، وقال إن مصر لم تطلب أى برامج مساعدات من صندوق النقد الدولى، وإن الحكومة المصرية لديها برنامجها الخاص للإصلاح الاقتصادى وماضية قدما فى تنفيذه بشكل تدريجى فى ضوء الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد.

وقبل عدة أشهر نفى محافظ البنك المركزى وجود أى نيه لعودة العمل بالجنية الورقى، لكن بعد شهرين من هذا النفى الشهير رأينا الأسواق مليئة بالجنية الورقى الممهور بتوقيع السيد طارق عامر.

قد تكون أوضاع الجنيه المصرى وعدم توافر الدولار بشكل يسمح بتلبية احتياجات السوق أربكت محافظ البنك المركزى، لكن الحل لن يكون بهذه السياسة المرتبكة والتصريحات المتناقضة التى تزيد الوضع سوءًا، وإنما بالتمهل فى الحديث والقرارات أيضاً، خاصة أن طبيعة المنصب تفرض عليه ذلك، وكل ما أتمناه من السيد طارق عامر أن يكون منضبطاً فيما يقوله وألا يكون متسرعاً، حتى لا تزيد التأثيرات السلبية، خاصة أن تصريحاته على مدار الأسبوع الماضى كان لها تأثير سلبى جداً على السوق المصرى وامتدت للأسواق الخارجية، بعدما رصدت كل التقارير الاقتصادية الدولية هذه الحالة من الارتباك.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;