30 يونيو انقلاب شعبى «2»

تمر فى عمر الأوطان دهور وأعوام لا تتوقف إلا قليلا عند أيام يتغير فيها مجرى تاريخها، فتسطر أمجادا لا تمحى أبدا من ذاكرة الشعوب، قبل 30 يونيو كانت حقب ومراحل كثيرة، شهدت انتصارات وانكسارات، أمجاداً وإحباطات، لنتوقف كلنا ونترقب ماذا سيحدث فى يوم 30 يونيو 2013، كنا نتساءل هل ستنتصر بحول الله إرادة الجماهير، وتسقط دولة النفاق والعجز، لتتقدم دولة الحرية والديمقراطية، أم سينتصر نظام الإرهاب والرجعية، لتنحدر مصر إلى نفق مظلم من الصراعات التى لا تنتهى لنشهد يوما تقسم فيه الدولة على غرار السودان، أو يتفكك جيشها كالعراق، أو يتناحر جيشها كسوريا؟! ففى يوم 30 يونيو 2013 حدد مصير مصر، ومسارها على مدار عشرات بل مئات الأعوام المقبلة، فماذا إن لم تنتصر الثورة، كنا سنشهد حملات اعتقال للثوار، وتنكيل بالإعلام، وعصف بالقضاء، لكن بإرادة الله المتمثلة فى التحرك الشعبى، سقطت الجماعة التى جثمت على أنفاس الوطن، ونما سرطانها فى جسد مصر، ليودع الإخوان وأتباعهم السجون، وإن كان الأولى أن يودعوا فى مصحات الأمراض النفسية، ليعالجوا من كل الأمراض التى تمكنت منهم.

فقد أزحنا فى ثورة 30 يونيو شخوصا أرادوا لأنفسهم متع الدنيا وسلطانها باسم الدين، أرادوا الشهرة والمال والحكم، ليتحولوا إلى فاسدين جدد غلبوا فى أفعالهم وأقوالهم النظام الأسبق، فهم التلاميذ الذين تفوقوا على الأساتذة، ليعطوا دروسا فى كيفية نهب الوطن، وإسكات المعارضين، وإنهاء أحلام الملايين، بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

لقد خرج علينا محمد مرسى دمية جماعة الإخوان المتأسلمين، فى خطابه قبل اندلاع الثورة، ليتحدث على مدار ما يقرب من ساعتين ونصف، ليطلق علينا كل عقده، ويصف نفسه أكثر من مرة، بأنه رئيس الجمهورية، وأحيانا بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الأعلى لجهاز الشرطة، فهو لم يكن يتوقع يوما أن يصبح رئيس دولة بحجم مصر، فقد كانت أقصى طموحاته وهو منحنٍ أمام مرشده ومقبل يده أن يصير رئيس قسم فى الجامعة التى يدرس بها.

لقد تحدث مرسى بغطرسة، غلب فيها من كان قبله، فلأول مرة يتحدث رئيس مصرى ويذكر أشخاصا بعينهم، ويوجه لهم تهما مباشرة، وأحد هؤلاء الأشخاص هو قاض، فعن أى دولة قانون يتحدث مرسى؟! عن دولة أصبح فيها حاكمها فوق القانون يخرج عليه كل يوم، يعتدى على اختصاص السلطة القضائية، فيوجه التهم لهذا أو ذاك، دونما أى محاسبة له.

لقد خرجنا فى ثورة 25 يناير 2011 على مبارك وأطحنا به، ليس لنأتى بمبارك جديد، أكثر قمعا، وعنجهية، وجبروتا، ليدشن لحكم فرعون جديد، ولكن هذه المرة ليس فرعون مصر، وإنما فرعون الإخوان، لننتقل قبل ثورة 30 يونيو من ديكتاتورية شخص، إلى ديكتاتورية جماعة انتهازية بغضاء.

فعندما أتأمل المشهد فيما قبل ثورة 30 يونيو، لا أدرى كيف وصل مرسى أصلاً إلى حكم مصر، فالأكثر خطورة من حكم الديكتاتور، هو حكم المعتوه، فمصر بكل مكانتها وتاريخها، لا يمكن أن يحكمها سوى من يدرك حجمها وعظمتها، لكن لا ندرك حكمة الله عز وجل فى وقتها، فنظن أن الأمر شر، وهو كله خير، فالأفضل بكثير أن حكم الإخوان، حتى يظهروا على حقيقتهم أمام الشعب المصرى، وحتى نتخلص من تجار الدين إلى الأبد، فلو لم يحكم الإخوان، لأصبح وارداً وصولهم للحكم فى أى لحظة، لنبدأ من جديد ما خلصنا إليه فى 30 يونيو.

فقد أتت عبقرية استمارة «تمرد» فى تجميع الصف الثورى، لأنه عن تجربة يصعب تجمع كل القوى الثورية والسياسية فى كيان موحد، لكن يسهل توحيدها حول فكرة، أو مشروع، أو هدف وطنى بحت، وقد أتى دور القوات المسلحة كعامل حسم فى إنهاء حكم الإخوان، بالانحياز إلى إرادة الجماهير، فقد استطعنا أن نتخلص من نظام فقد مشروعيته، بنزول الجماهير الغفيرة إلى الشارع، فلا يجوز تزييف التاريخ، من أى أطراف داخلية أو خارجية، ووصف ما حدث بأنه انقلاب عسكرى.. وإنما هو انقلاب شعبى.. انحاز له جيش الشعب.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;