"لا" يا سيادة الرئيس

سيادة الرئيس السيسي.. يعلمُ الله أننى من أشد المؤيدين والداعمين والمُناصرين لك، يعلمُ الله كيف كان شعورى حينما ظهرت منذ أكثر من 11 عاماً وقُلت لنا: ماتخافوش على مصر، وتِتِقِطع إيدينا قبل ما تِتِمَد على الشعب المصرى.. كانت كلماتك هذه بمثابة "البَلسَم" الذى وُضِع على الجرح الغائر لكل المصريين؟ نعم كُنا مجروحين ولم يكن لدينا أمل لعلاج هذه الجروح، فقد شَعرنا أن عِظامنا وهنت ولم نعُد قادرين على مواجهة أهل الشر الذين أخدوا "مصر" وسرقوها، وكُنا ننتظر مصيرنا الذى لخَصوه لنا وهَدَدونا به وقالوا (يا نُحكُمكم يا نقتلكُم)، وهَدَدونا _ مرة أخرى _ عَلناً وقالوا لنا (سَنَسِحَقَكُم لو خَرجِتُم فى 30 يونيو ).. لكن فى نفس الوقت كان لدينا يقينُ راسخ بأن "مصر" محفوظة بإذن الله، كان لدينا بصيصُ أمل فى أن الله سيُنجى مصر من مصير أسوَد.. والحمد لله فقد ساندت الثورة ودَعّمت إرادة الشعب، ومن يومها ونحن نثق فيك ونثق فى وطنيتك وأمانتك، قُلت لنا: فوضونى لمحاربة الإرهاب والعنف، فخرجنا بالملايين وملأنا الشوارع، وفوضناك لأننا وجدنا فيك صفات البطل الشعبى والزعيم المِقدام الذى سنقف معه حتى تعود لنا "مصر" التى اغتصبها "أهل الشر". سيادة الرئيس السيسي.. كُنا نَعَلَم أننا فى حاجة إلى (زعيم) نَلتَف حوله، والحمد لله شعرنا وقتها أنك الزعيم الذى كُنا نبحث عنه، اخترناك ودَعمناك ووثَقنا فيك ووقفنا معك فى انتخابات الرئاسة، وتركنا لك القيادة وتحمَلت المسئولية.. حاربت الإرهاب، ولم نترُكك وحدَك فى المعركة وكانت دعواتنا خير حافظاً لك فى كل معاركك مع الإرهابيين، فانتصرت عليهم نصراً مُبيناً، واجهت "الأشرار" بكل بسالة وكُنا مُؤيدين لك فى كل خطواتك، سَعيت لبناء مصر وتعميرها بكل أمانة وإتقان فى العمل، وكُنا نعلم أن ذلك يرجع إلى وطنيتك وإخلاصك لأن الدم الذى يجرى فى عروقك من فصيلة (م ص ر) وهى (فصيلة الأبطال) أبناء المُؤسسة العسكرية _ مصنع الرجال _ الذين سيذكُرهم التاريخ فى أنصع صفحاته. سيادة الرئيس السيسي.. أُريد أن أقول لك إننى مثل غيرى من المصريين واثقين فيك إلى أبعد مدى، نؤيدك وأيدناك فى كل أقوالك وأفعالك وقراراتك، لكننى _ بصراحة _ ولأول مرة اختلف معك فى تصريحاتك التى قُلتها منذ ثلاثة أيام خلال مؤتمر الشباب الذى أقيم فى مدينة برج العرب بالإسكندرية، فلتسمح لى _ يا سيادة الرئيس _ أن أختلف معك، إسمح لى أن أقول لك (لا يا سيادة الرئيس) أنا مُختلفة معك فيما طرحتهُ حينما خيرتنا بين "الأكل والشُرب" وبين "بناء دولة حديثة"؟، طبعاً مُختلفة مع كلمات سيادتك وهى بالنص ( "الأكل غالى" صحيح، بناء الدولة ومعالجة تاريخ طويل، رفضت أقول للدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء يوقف العمل فى محور المحمودية ليشاهد الناس شكله عامل إزاى وكانوا ساكتين وراضين؟ يعنى نخلى محور المحمودية كدا ونأكل ونشرب؟ ولا أشيلُه وأخليه زى مانتوا بتشوفوه دلوقتى وتبقى الدنيا صعبة شوية؟ رُدوا عليا؟ أسيب الناس مَرميه فى الشوارع وعايشين فى الصفيح والأكل موجود ونأكُل؟ ولا أشيل الناس دى وأسكِنهم فى "بشاير الخير" والدنيا تبقى غالية شوية؟ رُدوا عليا؟). سيادة الرئيس، اختلافى معك لأول مرة نابع من أننى أرفض الاختيار بين هذين الاختيارين، لأننى ظللت لسنوات طويلة أُطالِب بإسكان آدمى مناسب للغلابة الذين يعيشون فى مساكن الصفيح، وطالبت _ مراراً وتكراراً _ لكن دون جدوى طوال الثلاثين عاماً الماضية بضرورة تطوير محور المحمودية، ليس لأننى من أبناء محافظة البحيرة فحسب، ولكن لأننى إنسانة أشعر بمعاناة هؤلاء الغلابة ساكنى الصفيح، كانت عينى تَزرِفُ دموعاً على وضعِهم الضنك ومعيشتهم غير الآدمية، وكنت أرفع يديا للسماء وأقول: اللهم يا حَنان يا مّنان استُر هؤلاء واجعل لهم من رَحمَتك نصيباً.. فالحمد لله أن جَعَلَك الله _ يا سيادة الرئيس _ تنظُر لهؤلاء المصريين بعين الرحمة والإنسانية والشفقة وأخرجتهم مما كانوا فيه، وأصبحوا الآن يعيشون حياة تليق بهم فى الجمهورية الجديدة التى تعمل على تحقيقها لكل المصريين. سيادة الرئيس.. أنا لا أنظُر أبداً إلى غلاء الأكل والشُرب وارتفاع الأسعار، أرجوك صَدقنى، لا أهتم، ولا أشتكى ولن أشتكى وأعِدَك ألا أشتكى لأن المثل الشعبى يقول (اللى مايشوفش من الغُربال يبقى أعمى)، نحن نرى "مصر" وقد أصبحت الملجأ الأول لكل الأشقاء فى السودان واليمن وليبيا وفلسطين وسوريا، لأننا بلد الأمن والأمان والاستقرار، فكيف أشتكى وأنا أرى بُلدانا ضاعت وتَشَتت شعوبها ومصيرهم لا يعلمه إلا الله، أما بلدى الحبيبة "مصر" مازالت حية وصامدة والحياة تَدوب فى مناطقها والعمار ينتشر فى كل أرجائها.. لذلك لن أشتكى وأَعِدَك _ للمرة الثانية _ ألا أشتكى من غلاء الأكل والأسعار. سيادة الرئيس، اختلافى معك يأتى عن قناعة قوية بداخلى تقول لى: لا اختيار بين الأكل والبناء.. لأننى بالتأكيد اخترت البناء، واختلافى معك يأتى من إدراكى بأن الاختلاف معك فى الرأى لا يُفسِد للود قضية، ومعرفتى بأن لديك من سِعة الصدر الكثير، وليس لديك مشكلة فى تقبُل الرأى الآخر.. واعلَم يا سيادة الرئيس أننى اخترت البناء بإرادة حديدية، وبأمل كبير فى أن القادم أفضل معك، لأنك تبنى وتُعَمِر وتَغِرِس الغَرس وتزرع.. حفظك الله وسَدَد خُطاك وجعلك من الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن مُسلِمٍ يَغِرِس غَرساً، أو يزرع زرعاً، فيأكُل منه طَيرُ أو إنسان، إلا كان له به صَدَقة".



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;