بعد فوزه فى الانتخابات الرئاسية، اختار دونالد ترامب، المصرية الأصل دينا حبيب باول، المولودة بالقاهرة فى العام 1973 لشغل منصب «كبيرة مستشارين الرئيس لشؤون المبادرات الاقتصادية»، وجاء اختيارها فى ذلك الحين مرتبطًا بعدة عوامل بعضها انتخابى وبعضها يتعلق بأسرة الرئيس ترامب، فقد أشعل ترامب نيران العنصرية ضد النساء بتصريحاته الانتخابية حول عمل المرأة والإجهاض، وهى نيران كانت مرشحة لمزيد من التأجج بعد توليه الرئاسة، الأمر الذى كان يستلزم تحركًا من اثنين، إما أن يعلن ترامب تراجعه عن تصريحاته بما فى ذلك من إحراج سياسى، أو التحرك بإجراء مباشر يشير لسياسات لا تحمل اضطهادًا أو تمييزًا ضد المرأة ومن هنا كان اختيار دينا باول للمنصب.
دينا حبيب باول التى كانت تتولى منصبًا تنفيذيًا كبيرًا فى مصرف ومؤسسة جولدمان ساكس، كانت أيضًا عضوة فعالة فى إدارة جورج بوش الابن كما تمتلك سجلًا حافلًا فى مجال الخدمة العامة، وأشرفت على مجموعة من البرامج والمبادرات المتعلقة بتمكين المرأة والتنمية الاقتصادية وريادة الأعمال، أى أنها تتميز بأنها متمرسة فى دولاب العمل العام والخاص معًا، بالإضافة إلى كونها صاحبة إنجازات فى مجال دعم المرأة إضافة إلى صلاتها الوثيقة بإيفانكا ترامب التى ترى فيها وجهًا سياسيًا يمكن أن يسد مجموعة من الثغرات السياسية لوالدها فى بداية حكمه فى البيت الأبيض.
لكن تولى دينا باول منصب «كبيرة مستشارين الرئيس لشؤون المبادرات الاقتصادية» شىء وتوليها منصب مساعدة ووزير الخارجية شىء آخر، لأن المنصب الجديد، فضلًا عن أنه يعنى زيادة نفوذها فى مطبخ صنع القرار بالإدارة الأمريكية، إنما يعنى على الأرض مسؤوليتها المباشرة عن التنسيق بين جميع الأجهزة الديبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية، كما يعنى إطلاعها وإشرافها على جميع القرارات فى الخارجية الأمريكية أو حتى تلك التى يتخذها الرئيس نفسه، الأمر الذى يجعل دينا باول من أهم صناع القرار فى إدارة ترامب.
السؤال الآن، هل يمكن أن نتوقع الكثير من دينا باول على صعيد تدعيم العلاقات المصرية الأمريكية؟ وهل يمكن أن تلعب نفس الدور الذى لعبته هوما عابدين مساعدة كلينتون فى التمكين لجماعة الإخوان فى حكم مصر؟
لا أظن أن دينا باول ستقوم بنفس دور هوما عابدين فى تمكين الإخوان والدفاع عن وجودهم فى حكم مصر بالباطل، لكنها يمكن أن تساهم بشكل كبير فى إعادة تصميم وتشكيل العلاقات الأمريكية العربية عمومًا، من خلال تنفيذ سياسة ترامب بإعادة تقييم الوجود الأمريكى فى المنطقة العربية، انطلاقًا من علاقات المكسب التجارى، وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكى خلال حملته الانتخابية، وهو أيضًا العنصر الحاكم للتغير الطارئ على علاقة واشنطن بالسعودية بعد اللقاء الأخير بين ترامب وولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان.
وللحديث بقية