«الرئيس» ينتقد الإعلام.. ومشكلات تواجه الهيئات الإعلامية

انتقد الرئيس السيسى، ومعه كامل الحق، تغطيات الإعلام المصرى لحادثى التفجير فى كنيستى طنطا والإسكندرية، فقد ركزت أغلب القنوات الخاصة والصحف على صور الضحايا والأشلاء فى مخالفة صريحة للقواعد المهنية ومواثيق الشرف الإعلامى المعمول بها فى العالم، التى تتعلق بضرورة احترام هيبة الموت، واحترام الخصوصية، وعدم إيذاء مشاعر الجمهور. المشكله أن أصحاب القرار فى أغلب الميديا المصرية يجهلون القواعد السابقة، ويخلطون الحق بالباطل، ويجادلون بأن من حق الجمهور أن يعرف.. وأن على الإعلام الوطنى إثارة استياء وكراهية الجمهور والرأى العام ضد الإرهاب، لكن من المؤكد أن الرأى العام فى مصر ضد الإرهاب وترويع المواطنين «مسلمين أو مسيحيين»، وبالتالى فهو ليس فى حاجة إلى من يوضح له أن الإرهاب مخالف للدين وللقيم الإنسانية، كما أنه ليس فى حاجة إلى عرض متكرر وممل لأشلاء الضحايا ولآثار التدمير والدماء فى الكنائس، أو تصوير مظاهر الحزن الإنسانى النبيل، الذى عبر به الإخوة والأخوات من المسيحيين عن مصابهم الجلل، ومعاناتهم المتوارثة عبر أجيال. لسنا فى حاجة إلى مثل هذه التغطيات الإعلامية التى تتاجر وتستغل مشاعر وآلام المصريين، خاصة أن كثرة عرض صور القتلى والأشلاء يؤدى إلى إثارة الفزع والخوف لدى المشاهدين، ويشعرهم بأنه لا أمن ولا استقرار فى الوطن، من جانب آخر، وكما رصدت بعض بحوث الإعلام وعلم النفس، فإن العرض المكثف لصور العنف والموت يؤدى إلى تعود الجمهور عليها، وتبلد مشاعر بعض قطاعاته، والأخطر أنه يؤدى أيضاً إلى آثار نفسية واجتماعية سلبية على الأطفال والمراهقين. أعتقد أن هناك أهمية بالغة لتوافق وسائل الإعلام المصرية على مدونة سلوك أو كود مهنى يتعلق بالتوقف عن نشر صور القتلى والأشلاء، سواء كانت هذه الصور لمواطنين أبرياء سقطوا على يد الإرهابيين أو إرهابيين قتلوا فى اشتباكات مع قوات الجيش والشرطة، المعنى احترام هيبة الموت على الجانبين، وأتمنى أن تقوم الهيئات الإعلامية الثلاث التى أصدر الرئيس السيسى قرارات بتشكيلها بهذه المهمة فى أقرب وقت، إضافة إلى مهام أخرى كثيرة. وأظن أن الغضب من تغطيات الإعلام للحادثين الإرهابيين كان هو السبب المباشر الذى أدى إلى سرعة الإعلان عن تشكيل الهيئات الثلاث، وهى خطوة ضرورية تأخرت كثيرا، فقد نص الدستور فى يناير 2014 فى مواده 311، 312، 313 على تشكيل هذه الهيئات، لإعادة تنظيم الإعلام وتطويره وضمان حريته ومنع الاحتكار وحماية حقوق المواطنين الاتصالية، لكن القانون الذى صدر لتفعيل هذه المواد تأخر وصدر فى ديسمبر الماضى، واقتصر على تحديد اختصاصات المجالس الثلاث وكيفية تشكيلها، ولم يتطرق إلى حقوق وواجبات الصحفيين والإعلاميين والقواعد المنظمة لإصدار الصحف والقنوات ومواقع الإنترنت الإخبارية وكل أشكال الإعلام الجديد، وقيل إن هذه الأمور تتطلب إصدار قانون خاص، لأن الدستور اشترط أخذ رأى الهيئات الثلاث. ولاشك أن احترام الدستور قيمة مهمة من اللازم احترامها، لكن المفارقة أن هناك وقائع وممارسات لا يتم فيها احترام الدستور بنفس القدر، المهم الآن أن تبادر لجنة الثقافة والإعلام فى البرلمان والهيئات الثلاث باستكمال الأطر التشريعية والقانونية للإعلام، بحيث يصدر قريباً قانون لتنظيم حقوق وواجبات الصحفيين والإعلاميين، وضمان حرية واستقلال الإعلام، وقواعد إصدار وتمويل الصحف والقنوات التليفزيونية ووسائل الإعلام الجديد. وإضافة لهذا القانون لابد من إعادة تنظيم الإعلام، ووضع كثير من القواعد الخاصة بضمان شفافية التمويل ومنع الاحتكار واحترام قيمة ومهنية الإعلام، وتطوير إعلام الدولة، لكن الحقيقة أن هناك الكثير من التحديات التى تواجه الزملاء أعضاء الهيئات الثلاث، والذين أعرف أغلبهم وأقدر تاريخهم المهنى، كما أقدر كفاءة كثير منهم وتميزه فى مجال تخصصه، ولعل أهم هذه التحديات هى: أولاً: أن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم هيئات الصحافة والإعلام لم تصدر، وهو ما يضاعف من مشكلات بدء العمل وتنظيم اختصاصات ولجان كل هيئة من الهيئات الثلاث، ومنع التضارب أو التنافس فيما بينها. ثانياً: أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام قد كلف كل هيئة بوضع قواعد العمل بها واللوائح المنظمة، وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً ويتطلب جهداً كبيراً، لاسيما وأنها التجربة الأولى فى مصر، أى أننا نبدأ تقريباً من الصفر، ولا يوجد أمامنا سوى التجارب الدولية التى بها إيجابيات وسلبيات، وعلينا أن نتعلم منها وألا نكرر الأخطاء والسلبيات التى وقعت فيها هذه التجارب. وأتصور أن أهم درس يجب أن نتعلمه أن هذه الهيئات والقواعد المنظمة لها ليست نصاً مقدساً، وإنما يمكن تغييرها وإعادة النظر فيها كل ثلاث أو أربع سنوات، وإدخال تعديلات على قانون تشكيل الهيئات الثلاث فى ضوء نتائج الممارسة العملية فى أرض الواقع. ثالثاً: أن كل التجارب الدولية تضع ضوابط وقواعد لعدم تضارب المصالح بين أعضاء هذه الهيئات وبين وظائفهم أو مناصبهم كصحفيين وإعلاميين، بمعنى أن أعضاء اللجان سيقومون بدور رقابى وتنظيمى للإعلام، وبالتالى لا يجوز لهم ممارسة العمل الصحفى أو الإعلامى، أو حتى الظهور على شاشات التليفزيون، ومن حقهم الاحتفاظ بوظائفهم والحصول على رواتب تساوى ما كانوا يحصلون عليه فى وظائفهم الأصلية، لكن القانون المصرى نص على تفرغ الرئيس والأمين العام فقط، ولم ينص على تفرغ بقية الأعضاء. والسؤال هنا هل سيلتزم الصحفيون والإعلاميون أعضاء الهيئات الثلاث بالقواعد المعمول بها عالمياً والأقرب للمنطق أم لا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;